في كثير من الأحيان يثبت القضاء اليمني استقلاليته وعدم خضوعه لأية مؤثرات خارجية وعلى نزاهة القائمين عليه وأنهم فوق كل الشبهات ويمتلكون الإرادة والقوة لمقارعة الظلم والظالمين ويؤكد انحيازهم الكامل للعدل والحق وأنهم فعلاً ملاذ المظلومين وملجأ المقهورين الباحثين عن الانصاف الهاربين من سياط الظلم وتسلط الظالمين، وذلك من خلال تعاطيهم الشجاع مع القضايا وبشكل مغاير تماماً لما يحدث بعض الأحيان من عبث وصل حد تعطيل أحكام نافذة وضياع ملفات القضايا وسجلات التوثيق الرسمية وبشكل مريب بهدف التضليل والتلاعب بمجريات قضايا المواطنين لحساب غرمائهم من أصحاب النفوذ ومن لديهم الإمكانيات لتسخيرها انتصاراً لباطلهم وازهاقاً لعدالة القضاء. هذه النزاهة التي تظهر في هذه المحكمة أو تلك بفضل قضاة يراقبون الله تعالى ويخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار بضمير حي وإيمان صادق لايعرف النفاق ،عرفوا قدر مسئولياتهم وأدركوا أن واجبهم الديني والأخلاقي يحتم عليهم أن يكونوا قوامين بالقسط وأن يميلوا مع صاحب الحق ولو كان ضعيفاً غير ذي جاه أو مال ويقفوا وبكل قوة في وجه الباطل ولو كان صاحبه قوياً أو مسئولاً نافذاً أو غنياً مترفاً .. يؤدون واجبهم بكل صدق وأمانة ولايخافون في قول الحق لومة لائم. لأنهم يعرفون جيداً أن القانون وجد ليكون فوق الجميع وليس هناك من هو فوق القانون، فالجميع أمام القانون سواء لافرق بين مسئول أومواطن ولا بين غني أوفقير . والجميع يعرف أن القضاة هم المسئولون قبل غيرهم عن تطبيق القانون وفرضه على المتخاصمين وإلزامهم التقيد بأحكامه بغض النظر عن أسمائهم وصفاتهم ومناصبهم. وهم أيضاً المسئولون عن تعطيل القانون وإضعافه والانتقاض منه والتلاعب به والتحايل عليه. وشتّان بين قاضٍ يراقب الله تعالى في كل الأحوال وفي مختلف المواقف ضميره حي ونيته صادقة وقلبه عامر بالإيمان وبين قاضٍ يراقب وجوه المتخاصمين ويدقق في أسمائهم وصفاتهم، متعفن الضمير سيئ النية وليس في قلبه ذرة إيمان. شغلته الدنيا وأهواءها فأصبح منقاداً تسيّره المطامع والأغراض فيبني احكامه أو بالأصح يفضل احكامه على حسب هواه وبقدر مايحصل عليه من مكاسب يستحل بها حقوق الآخرين وتكون أحكامه مدفوعة مشبوهة ،والكارثة حين يُمنح مثل هؤلاء سلطة مطلقة واستقلالية تامة فيكون فسادهم مصاناً ومحمياً بحكم القانون كونهم يتمتعون بحصانة ليمارسوا فسادهم بكل حرية ودون أي تحفظ.