رمضان هذا الزائر الكريم الذي يزورنا في كل عام مرة واحدة.. وأجواؤه المحملة بنسمات البركة والتسامح والتغاضي عن كل توافه الأمور التي تواجهنا في أيامه الفضيلة.. ونطرح لأنفسنا سؤالاً هاماً ما الذي يجعل الكثير من الناس ينحون منحى آخر ويظهرون مشاعرهم وكأنهم لا يطيقون سماع بعضهم البعض..؟!! أو حتى سماع أنفسهم..؟!! فذاك يضرب زوجته بحجة أنه صائم.. وآخر يطردها من البيت ..!! وتلك تتشاجر مع جيرانها.. وآخر يصيحُ بأعلى صوته في وجه من وضعهم حظهم العاثر في طريقه ليفرغ ما في أحشائه من نيران عليهم..!! حقاً إن أولئك جميعاً يفسدون أجواء الرحمة والبركة بتصرفاتهم الرعناء..!! ويجسدون بالبند العريض «ثقافة النخيط» فالجميع «يانخيطاه»!!؟ وكأن معدهم الجائعة مرهونة بتلك التصرفات.. فلماذا بتنا نسمع عن حوادث مؤسفة وخصوصاً قبل اللحظات الأخيرة من أذان المغرب..؟!! وكذلك مشاجرات تزدحم بها شوارعنا قد تصل لدرجة التشابك بالأيدي والعصي و«الجنابي» وقد يتناولون إفطارهم في أقسام الشرطة..؟!! فهل سألوا أنفسهم لماذا وصلت بهم تصرفاتهم إلى تلك النهاية المؤسفة؟ لأن أولئك ببساطة تخلوا عن أخلاق الصائمين في رمضان ونزعوا من قلوبهم مفردة «الصبر» لأن الامتناع عن الشهوات المعتادة يحتاج إلى صبر، فيصبر المرء على احتمال الجوع والعطش، طاعة لربه عز وجل ..والصبر على أذى الآخرين.. فقد قال عليه الصلاة والسلام: « إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يفسق ولايرفث، فإن سابَّه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم..»!! ومع هذا التوجيه النبوي الرشيد، نجد الكثير من الناس يفقدون أعصابهم عند أتفه الأسباب، فيثورون ويسبون ويلعنون ويبطشون، فإذا ماهدأت ثورة غضب أحدهم وعوتب فيما بدر منه، يحتج بالصيام..!! وكأن الصيام مجرد جوع وعطش و«نخيط» و«صياح» إلخ.. ولو علم الجميع حقيقة الصيام أنه يدعو إلى الصبر والعفو والرحمة والتسامح.. لما أقدموا على تلك التصرفات العشوائية..!! فأين نحن من مدرسة الصوم الرمضانية..؟!!