لاشك أن شهر رمضان المبارك يحمل في طياته قيم المحبة والتسامح والتقرب إلى الله في العبادات, كما أنه وسيلة لنشر قيم كهذه يحرص الصالحون القريبون إلى الله أن ينشروها إلى الأجيال الشابة بدرجة أولى ومنها أن ينفق القادرون لإنجاح حلقات تحفيظ القرآن والذكر.. إلا أن هناك بعضاً من يسعى لبذر قيم التطرف والإرهاب، ويستغل سمات الفئة العمرية الشابة ويوجهها نحو التطرف وبالتالي العزلة من المجتمع والبعد عن أساليب النصح والتكافل والتنمية والعمل المجتمعي، خاصة أن البلد تحتاج لنشر هذه القيم بعد أن قل بل وضعف دور الدولة المجتمعي بل حتى أنها لم تخلق حواراً مع منظمات المجتمع المدني لتسخير طاقات الشباب لهذه المهام التي كان المجتمع في فترات سابقة يقوم بها وخاصة إصلاح الطرق والبناء للمدارس والمراكز الصحية وخاصة في الأرياف. فانعزل الشباب وعزلت معه الوظيفة الدينية المجتمعية والتقطت قوى التطرف هذا الفراغ وهذه العزلة، وسخرته لتعبئة سلبية حاقدة غرستها في الشباب من تطرف وتكفير تجاه الآخر ووصل الأمر إلى أن أصبحت سمعة اليمن بمثابة بؤرة للإرهاب وسمعتنا هو ممارسة وتصدير الإرهاب بدليل أننا تصدرنا أخبار الإرهاب والمعلومات والأسرار الأمنية في أراضينا ومن خلال شبابنا والعديد من الشباب غير اليمنيين كانت أخبارهم بأن هذا تدرب أو تجهز أو تفخخ في اليمن، وكما يزعمون أن اليمن موئل لبذر واحتضان الإرهاب والتطرف وتكاثره ليثمر عمليات انتحارية إما في اليمن وإما ليصدر منها إلى بقاع شتى لا تستطيع حصره والتحكم فيه قوانين منظمة التجارة العالمية فهو خارج قدراتها ولا المنظمات الدولية الأخرى ولا قوى التحالف الدولي. لابد من الإشارة إلى أنه بحكم التباينات القومية ودور الأنظمة القومية العربية الناشئة وخلافاتها مع القوى الإسلامية والمد الاشتراكي قد قرب بين القوى الإسلامية والمجتمع الدولي الرأسمالي وتم توجيه الصحوة الإسلامية نحو آلية الاحتراب على الأرض الافغانية التي كان وقودها خيرة الشباب المسلم، وما إن حاولت الرأسمالية إنهاء العقد إلا وجذور التطرف عميقة في العديد من البلدان والمجتمعات الإسلامية الأوروبية أيضاً. وما يؤسف له أن العقد انفرط فقد كانت لنا تجربة رائعة في الحوار مع الشباب المغرر بهم داخل اليمن وخارجه، وشكلت تلك تجربة مضادة للضربات العسكرية الاستباقية، بما شكله الحوار من عمل استباقي سلمي يحول دون العمل المتطرف الذي توقف ثم عاد في اليمن وخارجها من منشأ يمني وكان حري باليمن أن تتيح للضربات الاستباقية السلمية التوعوية خاصة وأن لدينا مخزوناً بشرياً من الخطباء والدعاة والجمعيات ذات التوجه السلمي، وهي نشطة في مجال التنمية أو بإمكانهم تسخير حلقات تحفيظ القرآن الكريم وحلقات الذكر للتوعية أو التمسك بأوامر الله سبحانه وتعالى وسنة رسوله الكريم وكل قضايا الاجتهاد والقياس للتابعين من أجل خلق الشخصية الشابة المسلمة الواعية للعمل والنشاط المجتمعي لخدمة الوطن وإحياء قيم الجهد الشعبي في التكافل وعمارة الأرض من مساجد ومدارس وآبار ومساكن ومراكز صحية لا أن يكون صيداً سميناً لأفكار التطرف والتكفير والاختطاف والقتل بل إن حلقات إسلامية سيكون عليها أن تجنح للسلم الواعي وليس الاستسلام لقوى التطرف ومبرراتها في الترويج والتفنن به لإبعاد المجتمعات عن التنمية والتعليم وتكريس وضع متخلف للمرأة كونها وسيلة ومصدراً تربوياً للأجيال الناشئة، فهي الأم والمربية، والبعد كل البعد عن انتهازية التفكير وكون الغاية تبرر الوسيلة في تحالفات سيئة لم تلبث ان تكون كالذي شكلته أمريكا في الثمانينياتت مع الجهاديين ثم انفرط عقدها وما حصل في أفغانستان دليل على ذلك وما تبعه من إيقاف لعجلة الحياة في ذلك البلد الفقير المعزول، والذي صار الآن مسرحاً لتطبيق نظريات قوى التحالف الدولي وأصدقاء الأمس القاعدة وطالبان في حرب ضروس ضحاياه الشعب الأفغاني بدرجة أولى، وموارده وثرواته المادية والحال نفسه في العراق والصومال وجنوب الصحراء الغربية.