يحاول الرئيس الباكستاني الجديد مُحاصرة الأزمات السياسية المتتالية التي يواجهها، وهي أزمات تتمدد من الداخل إلى الخارج، ومن بيت الحُكم العسكرتاري إلى فضاء الذاكرة السياسية الجمعية، ومن المعارضة الأيديولوجية الإسلامية إلى الحلفاء التقليديين الذين يتكسرون أمام الضربات السياسية المتتالية. عصر يوم بعيد من ذاكرة المحنة الباكستانية كان الجنرال المغادر برويز مشرف قد نجا من اغتيال محقق بتفجير طائرته !، وبعودته إلى مطار السلامة أحاط بخصومه السياسيين واحداً واحداً، وكاد أن يرسل الرئيس السابق نواز شريف إلى المشنقة لولا الوساطة العربية التي أخرجت الرجل من عنق الزجاجة القاتلة، وبتوالي أيام حكم الجنرال برويز جاءت التحديات تباعاً، فمن حرب أفغانستان التي تلتبس بها باكستان التباساً عرقياً، أيديولوجياً، وعقائدياً .. إلى حرب الديمقراطية التي لا يستطيع الرئيس الحالي السير على دربها بعد أن خسر بعض التيار الليبرالي العصري، وحتى الضغوط الأمريكية التالية التي وصلت إلى حد ضرب مواقع طالبان داخل باكستان . أمام كل هذه الانبثاقات النارية للمشاكل السياسية يحاول زوج المقتولة بينازير بوتو ترتيب جبهة واسعة لتصفية الحساب مع الإسلام السياسي، لكن الحلفاء الافتراضيين له لا يقوون على السير في هذا الدرب، ولا يمكنهم التسليم له لمجرد أنهم ضد مشروع الإسلام السياسي. وإذا ما صار الشد والجذب بين الرئيس ومن يمد لهم اليد من قوى ليبرالية حداثية فإنهم معاً سيفقدون الحيلة والفتيلة، فباكستان تشتعل بنيرانها الحامية، والحكم يفقد حضوره الفعلي على الأرض، وطالبان تتعملق وقد انغرست أساساً في الجسد الباكستاني بالمعاني الإثنية والعقائدية والإيديولوجية والسياسية والاجتماعية، والهند تراقب الانهيار الكبير بتشف يُظهر مزايا نموذجها الديمقراطي، ويُعرّي أنظمة الانكشاف والفساد في باكستان وبنغلاديش. الهند هي الرابح الأكبر في المعادلة، فشبه القارة الهندية التي كانت تضم الهند الكبرى وباكستان وبنغلاديش تتكشّف عن نماء وازدهار في الهند، مقابل انحسار ومتاهات في الجارتين المنشقتين “باكستان وبنغلاديش”. ما حدث قبل حين من عمل إرهابي في مدينة بومبي يأتي تأكيداً متجدداً على المحنة الباكستاية حتى وإن أنكر النظام الباكستاني أي دور له في تلك الفعلة الإجرامية.