في حوار ثقافي ضافٍ ضمّنه كتابه القيّم «نحو ثقافة الحوار» (ص 120-119) فلسف الأستاذ عبدالقادر باجمال معاني ثقافة الأسطورة والحكاية على لسان الحيوان, وبيّن حكمتها وقيمتها الوظيفية والتعليمية بقوله: «في الواقع, حدث نوع من البحث عن الشيء الغائب "المسكوت عنه" وقد لجأ المؤلفون إلى الرمز والأسطورة في الكتب المجهولة المصدر اتقاءً للخصومة؛ وحتى لا يُفهم منها أنها تعني سلطاناً أو خليفة أو ملكاً أو زعيماً بعينه, فجاءت تلك الكتب على شكل قصص وحكايات وروايات استخدمت فيها الرموز, وظلت في وجدان الناس كثقافة شعبية يحكونها في المناسبات وتتناقلها الألسن، محتفظة بهذه الرابطة بين جملة الثقافات المختلفة, علاوة على أنها شكل من أشكال النهضوية لدى المثقف الذي يريد أن يؤدي رسالته ويقي نفسه الخصومة والاستعداء في الوقت ذاته». (صحيفة "الثقافية" العدد 128 - 31 يناير 2002-م، حاوره رئيس التحرير الأستاذ سمير رشاد اليوسفي). ومن هذه الحكايات, حكاية يفسّر بها المثل القائل في التعاون, والمحذّر من أن التفريط في الجزء يعني التفريط في الكل, تقول الحكاية: «اصطحب أسد وثور أحمر وثور أبيض وثور أسود في أجمة, فقال الأسد للأحمر والأسود: هذا الأبيض يفضحنا بلونه, ويطمّع فينا من يقصدنا، فلو تركتماني آكله أمنّا فضيحة لونه, فأذنا له في ذلك, فأكله.. ثم قال للأحمر: هذا الأسود يخالف لوني ولونك, ولو بقينا أنا وأنت ظنّ من يراك أسداً مثلي فدعني آكله, فسكت عنه فأكله, ثم قال للثور الأحمر: لم يبق إلا أنا وأنت وأريد أن آكلك, فقال: إن كنت فاعلاً ولابد, فدعني أصعد تلك الربوة وأصيح ثلاثة أصوات، قال الأسد: افعل ما تريد، فصعد وصاح ثلاثة أصوات: «ألا إنما أكلت يوم أكل الثور الأبيض» فجرت مثلاً. [email protected]