ما أشبه العيد بحفل تكريم للمجتهدين والناجحين , وما أشبه الوضع المعكوس الذي أصبح عليه بذلك الوضع غير الطبيعي الذي لا يحصل فيه الطالب المجتهد على تكريم لائق في حين يتسلل الفاشلون الى النهاية السعيدة في حين غفلة . فالفقراء والمساكين وذوو الدخل المحدود من البسطاء الذين تراهم أبلوا بلاء حسناً في العبادات خلال هذا الشهر تجد العيد أصبح بالنسبة لهم غصة وهماً كبيراً نظراً لالتزاماته ونفقاته الكبيرة في حين أن الميسورين بالطرق غير المشروعة نتيجة مواقعهم ومسؤولياتهم فإن رمضان بالنسبة لهم هو العيد وأفراحه ومظاهره المبالغ فيها والتي يستفزون بها الناس . فالمسؤول الذي بإمكانه أن يقضي إجازة عيد الفطر في لندن أو في صربيا ويمنح ابنه فرصة قضاء العيد أو شهر العسل (مثلاً) في تركيا ..لا نطالبه بأن يكون في العبادات وطقوسها الروحانية في رمضان بذلك القدر الذي عليه المواطن البسيط , ولكن أمانة المسؤولية تفرض عليه واجب تلمس هموم الناس واحتياجاتهم وما يخفف عنهم عناء وتبعات والتزامات العيد ومتطلباته .. أو على الأقل يحترم مشاعر الناس ولا يستفزهم بالمظاهر الفارهة وما يشكل قهراً وغبناً. فالعيد تعكره الصحوة المتأخرة من التفكير العميق في كيفية توزيع أعباء العيد المادية والمتطلبات اللا محدودة من رب الأسرة المثقل بهموم الواجبات والمصاريف المتنامية التي تتجاوز أحياناً اللامحدود لتصل به إلى حالة التشرد. فالعيد مع أنه يفترض أن يكون موعداً للفرح يحتاج من كل أسرة إلى ميزانية خاصة ينبغي أن تكون فيها اقتصادياً من طراز رفيع كي تصل بمركب الأسرة إلى شاطئ اللا مديونية.. فقوائم المأكولات والملابس يحاول رب الأسرة عبثاً أن يوفق بينها وبين الميزانية التي تعاني من فقر الدم الحاد..فتكون النتيجة فرحاً مفتعلاً أو تطغى الهموم والخلافات بين الزوجين. وكأن العيد يأتي لتسرق ميزانيته ما في الجيوب وما في القلوب ففرحة الأطفال لا تكتمل إلا باللباس الجديد والانطلاق خارج المنزل وتبعات ذلك من مصاريف إضافية غير محسوبة بالميزانية الضحلة, ولا تكتمل فرحة العيد إلا بلمة الأهل والأصدقاء وما يتبعها من تقديم لحلوى العيد وولائم الغداء ومزيد من الشح من الميزانية المفلسة..ويشوب الفرحة التفكير المضني بباقي أيام الشهر وطريقة التعويض عن الهدر الإلزامي وتدارك الخلل في برنامج الأسرة المالي. كما أن تزامن العيد مع قرب افتتاح المدارس لا بد أن يؤثر على الجوانب المالية للأسر كونها مطالبة بتوفير احتياجات أبنائها من ملابس للعيد وحقائب مدرسية وما يتبع ذلك من متطلبات المدارس من زي مدرسي وكتب مما يحمل هذه الأسر أعباء مالية إضافية. وهناك عائلات كثيرة لن تقدم على شراء عدد من ملابس العيد لأطفالها مكتفية بتوفير الملابس لليوم الأول فقط وضمن الحدود المقبولة من الأسعار على خلاف السنوات الماضية حيث كانت هناك خيارات للأطفال والأبناء في اختيار ملابس عديدة لأيام العيد لن تتكرر هذا العام بسبب الضغوطات المالية التي تواجهها الأسر ؟؟. فالتجهيزات التي تسبق عيد الفطر وافتتاح المدارس تثقل عاتق الأسر التي لن تجد مفراً من مواجهتها سوى بالاستدانة, أو الدخول في مشاريع لقروض بنكية أو قروض يشترك فيها الموظفون من خلال (الجمعيات) التي تسهم في توفير مبالغ مالية «لوقت الضيق» الذي يبدو انه سيرافق معظم الأسر خلال الفترة القادمة؟. [email protected]