الظاهرة الملفتة للنظر في السنوات الأخيرة هي تنامي النيل من الإسلام والمسلمين عبر وسائل الإعلام بصورة لاتخفي رغبتها في الاستفزاز والإثارة وكأنما هناك تخطيط وقصد محدد لإثارة مثل هذه الموجات وتحريكها لأهداف معينة وعلى مدد متقاربة. وعلى الرغم من إبداء حكومات غربية ومنظمات ومؤسسات دولية قلقها من انتشار مساحة العنف والغضب في أنحاء كثيرة من عالمنا العربي والإسلامي على خلفية الصراعات الدينية والطائفية أو المنطلقة من رؤى سياسية ودينية بما يفرض نظرياً التوجه نحو إنهاء أي سخونة أو مبررات انفعال ؛ إلا أن الذي يحدث هو عكس هذا التصور ومن تلك الحكومات ذاتها , فكأنما هناك توجه إلى المزيد من الإثارة والاستفزاز , والمثير للدهشة أن الكثير من هذه الإثارة والمزيد من الاستفزاز يأتي من دوائر غربية هي ذاتها التي تشكو من خطورة تنامي العنف والكراهية والعنصرية في عالم اليوم. ففي مراحل سابقة كانت الظاهرة تنحصر في تبني جهات غربية لشخصيات منتسبة إلى العالم العربي والإسلامي ممن يتعرضون بالطعن والإساءة إلى الإسلام ومقدساته أو إلى المسلمين ومجتمعاتهم , وظهرت في هذا الاتجاه قصة آيات شيطانية للكاتب الهندي الأصل سلمان رشدي أو عبر الصحافة كما في الدنمارك وهي التي أثارت موجة واسعة من الغضب ثم ظهرت بعد ذلك الأديبة البنجابية تسليمة نسرين , والتي أثارت ضجة بكتاباتها وهجومها على الإسلام وتلتها الأديبة نورما خوري التي ألفت قصة مزيفة فيها إساءات كثيرة للمجتمع المسلم وموقفه من المرأة تحديداً ثم ظهرت إيان حرصي الصومالية الأصل الهولندية الجنسية التي تعرضت بالسباب للإسلام ومقدساته وتحدثت بأكاذيب كثيرة عن موقف الإسلام عن المرأة وعن قصة حياتها هي ذاتها , وهو ماتبين بعد ذلك أنه كذب واختلاق . أيضاً كان هناك الكاتب المصري نصر حامد أبو زيد الذي وضع مجموعة أبحاث يريد أن يثبت فيها أن القرآن كتاب بشري وليس وحياً وقدم رؤى مسيئة إلى الحضارة الإسلامية وثبت علمياً أن رؤاه تلك مجرد أكاذيب وأخطاء علمية فادحة. والملاحظ أن جميع هذه النماذج قوبلت بترحاب كبير واحتفالات صاخبة من مؤسسات علمية وإعلامية غربية في أكثر من عاصمة ودعموها مادياً وأدبياً من خلال تأسيس مراكز بحثية لهم أو توظيفهم في جامعات أوروبية كبيرة أو ترجمة أعمالهم بمقابل مادي ضخم ومبالغ فيه. إننا اليوم أمام موجة من التحديات وموجة من الغلو الغربي والعدوانية تجاه الإسلام ومقدساته والمسلمين وهو مايمثل تحدياً جديداً يستدعي التوقف عنده والتأمل في خلفياته وتطوره والبحث عن آليات وخطط وبرامج التصدي لهذا التحدي وتكوين وإنشاء مراكز أبحاث يكون جهدها موقوفاً على رصد الظواهر الغربية المتعلقة بالإسلام سواء أكان ذلك في الشأن الفكري أو الإعلامي أو الثقافي أو الفني وغيره. وخلص مقال للكاتب جمال سلطان في مجلة البيان إلى أنه يمكن تطوير مثل هذه الجهود لاستيعاب أنشطة أخرى بما في ذلك صناعة جسور من التواصل والحوار المباشر مع أصحاب هذه النزعات ومع المنابر الإعلامية والثقافية والسياسية الغربية لقطع الطريق على المزايدات ووقف الأعمال المسيئة في مهدها.