لاتسلم بعض الرؤى الوطنية من النقد, وهذا ليس عيباً طالما أن النقد الموجَّه الهدف منه الوصول إلى الأفضل الذي يحقق الخير العام للناس كافة, وليس الهدف من ذلك النقد الكيد السياسي ومحاولة تأزيم الحياة, لغرض غير شرعي أو لتبييت نية سيئة تجاه الوطن ومصالحه العليا, وقد أكدنا مراراً وتكراراً أن النقد البنّاء والهادف النابع من الشعور بأمانة المسئولية يدرك معانيه الرفيعة كل من يسمع أو يقرأ أو يشاهد, ويصل بالرسالة المراد إبلاغها إلى المعني بالنقد بشكل عاجل ويحقق الغرض وتحدث الاستجابة لذلك النقد بروح أكثر إدراكاً لأمانة المسئولية. إن الشعور بأمانة المسئولية تجاه الوطن والمواطن ينبغي أن يكون هو المحرك الأساسي في عملية النقد الذي ينطلق من واقع المسئولية, والشعور بالقلق حيال الظاهرة المراد نقدها, والناقد بكل تأكيد لايحرّك قلمه ولسانه لغرض النقد والتعاطي مع الظواهر السلبية, ولايقصد إلا إصلاح جوانب السلبيات لأن وعيه بالآثار غير السليمة للظاهرة محل النقد صوّرت له حجم الآثار السلبية, بل ربما واقع الظاهرة محل النقد كان شاهداً على صحة نقده, وهذا الناقد يرى بعين الوطن المسئولة التي تحلّت بالصدق والأمانة والتزمت الأخلاق في نقدها ونبذت الأنانيات والمصالح الفردية أو الفئوية أو السلالية التي تخلف وراءها الفتن, وهذا النقد هو المطلوب لأنه مبرّأ ومتنزه من النوايا السيئة ولايجوز الضيق منه, بل النظر إليه بعين الاهتمام والأخذ بما جاء فيه من تصويب وتصحيح ورأي سديد. ولئن كان البعض يمارس النقد من أجل النقد والإساءة إلى الوطن وسياساته العامة والشعب وإرادته الكلية فإن الواجب على الناقد والمنقود أن يدركا أن الصالح العام هو الأساس في عملية النقد ولايجوز وضع السم في العسل على الإطلاق, لأن ذلك الأسلوب لايمت بصلة إلى الأخلاق النابعة من جوهر عقيدتنا الإسلامية, بل يعد أسلوباً انتهازياً يتجاوز القيم الأخلاقية للمجتمع وينبغي التصدي له ومنع انحرافاته, وأنا على يقين أن الناقد النزيه سيصل إلى تحقيق الخير العام للدين والوطن ويجعل من أمانة المسئولية شعاره بإذن الله.