مئات آلاف الوثائق المتعلقة بالحرب على العراق أصابت العالم بالصدمة بما في ذلك الأمريكيين, الذين عارضوا الحرب منذ البداية وشككوا في صحة المعلومات التي استندت إليها إدارة جورج بوش الأب والابن عن قدرات العراق على امتلاك أو تصنيع أسلحة الدمار الشامل, لكن قرار البوشين كان قد اتخذ خاصة بعد احتلال الكويت عام 90-91.. فهذا الكشف الذي كشفته شبكة إعلامية أمريكية هو الأول والأهم من نوعه في عصر المعلومات والاتصالات والتوثيق, والأهم من كل ذلك هي شجاعة الموقع الذي لم يرضخ للتهديدات في البداية ومضى ليعلن للعالم أن لديه ماهو أكثر بكثير مما توقع ومما سبق تسريبه من قبل صحف وقنوات تلفزيونية أمريكية استطاعت بحكم جنسيتها المقبولة لدى قوات بلادها المتواجدة في العراق الوصول إلى سجن الفلوجة الذي مورست فيه فضائح يندي لها جبين البشرية ضد سجناء عراقيين من تعذيب وإساءة إلى كرامتهم بما فيهم النساء.. وقد ركزت ردود الأفعال الدولية ومنظمات حقوق الإنسان على دور بعض مسؤولي الحكم في العراق في إعدام وقتل وإخفاء عشرات الآلاف من العراقيين, وضلوع إحدى الدول المجاورة في تسليح المليشيات التي عرفت بفرق الموت باستخدام السلاح الذي يحمل اسم تلك الدولة ضد الخصوم التقليديين من منظور طائفي طالما نفاه أولئك المسؤولون وعملوا جاهدين لإظهار أنفسهم ضد الطائفية والمذهبية.. وكان بعض السياسيين والعسكريين في الولاياتالمتحدة وبريطانيا قد زعموا أن نشر الوثائق سيعرض حياة الجنود والضباط والشركات الأمنية التي تحرسهم للخطر, ونفى الطرف الآخر أي أصحاب الوثائق المنشورة ذلك, كون ماقامت وتقوم به تلك القوات وعملاؤها كان معروفاً لدى عامة العراقيين وخاصة الضحايا المعوقين وأسر القتلى والمفقودين ولكنهم أجبروا على السكوت مقابل الإبقاء على حياتهم.. فكم هي المرات التي قامت فرق الموت التي ترتدي زي الجيش والعسكريين العراقيين بمداهمة المنازل وقتل من تريد وعلى وجه السرعة أمام زوجاتهم وأمهاتهم وأولادهم وإخوانهم, أو اعتقالهم ورفض إعطاء أي معلومات عنهم سواء كانوا على قيد الحياة أم ماتوا تعذيباً, وفي أي معتقل, وكم حاول الأمريكيون التستر على مايجري على أيدي جنودهم والجنود العراقيين المؤهلين والمدربين على ارتكاب جرائم القتل والاغتصاب بوسائل أمريكية؟.. أما مايقال عن الهدف من وراء تسريب وكشف هذه المعلومات الخطيرة في هذا الوقت الذي لم تشكل فيه حكومة عراقية بعد مضي عدة أشهر من الانتخابات فالجواب هو: لو كانت الجهة التي نشرتها غير أمريكية أو أجنبية أخرى لربما قال قائل إن في الأمر شيئاً, وإن كان هذا الشيء غير قابل للتأجيل أو التأويل مادام الوضع الأمني والسياسي في العراق على هذا القدر من السوء..