يختلف هذا العيد من حيث الزخم المرافق له، وهو ما أضفى على العيد مناخات أكثر حيوية وأكثر سعادة.. من عدن جاء الصوت الجميل بأن العيد أكثر من عيد فيمتد على طول البلد ويكسبه فرحة وسروراً.. عدن قبلة العشاق هي اليوم قبلة الرياضيين ومقصدهم وكل من يحبها ويحب اليمن عموماً.. عيد لم نعهده من قبل ومناخات لم تمر من قبل، وحلم لم نجرؤ على التفكير به من قبل، تراه اليوم باسطاً ذراعيه من عدن إلى أبين ولحج, ملقياً بظلاله من المهرة إلى صعدة, هكذا يقول الصوت القادم من عدن عبر الهاتف طالباً مني الوصول إلى عدن إن أردت أن أعيش زمناً مختلفاً بجماله وسعادته.. زمن يعبر فوق كل المنغصات وكل الصغائر وأحلام المرضى وهم مرضى النفوس.. زمن يتجاوز ضيق الجغرافيا والتاريخ وضيق العقول ويفسح مساحات من الأمل الصافي العذب, يحتكم للعقل والحكمة، وينبذ الأوهام، ويرفض الانصياع لدعوات كتبت بليل مظلم، ويجبرها أن تبقى في سراديب الظلام، فلا ترى النور ولا تلاقي وجه النهار.. وحده الحلم الجميل سوف يستلقي على الشطآن، ويبتسم للبحر وللجبل وللناس من كل قرى الوطن ومدنه، فلا يسأل أحدهم من أين أنت؟ عدن التي احتضنت كل الأحلام الجميلة وأصحابها على مر التاريخ ولم تسألهم عن شيء سوى أحلامهم ففتحت أحضانها وشطآنها للجميع.. عدن التي نبت عليها وفيها حلم اليمانيين الأكبر وأطلقته لكل أبناء الوطن حراً جميلاً زاهياً, وأرسلت معه بطاقات المحبة الصادقة الأبدية. حين نتحدث عن عدن فإننا نتحدث عن وطن بأكمله, نتحدث عن تاريخ نسجته أحلام الأوفياء ونضالاتهم؛ ليمتد في كل الجهات، وهي التي كانت ملاذاً لكل الأوفياء والمناضلين ومنطلقاً ومنبعاً لفكر سليم وخال من العاهات يؤمن بالوطن للجميع ولم يغلق باباً في وجه قادم إليها، طالما كان يؤمن بحلمها وأهدافها وثقافتها. عدن اليوم ينتصر لها التاريخ بعدما انتصرت له، ويمنحها وسام الحلم الجميل ويعيد لها بريقها وينفح فيها روائح البخور التي أطلقتها عدن في مراحل مديدة وعديدة واحتفظت لنفسها وأهلها برائحة الزمن الجميل، والبخور هدية عدن للعابرين وعنوان ذكرى يحملها المسافر من عدن إلى كل أقطار المعمورة ليدلل على أنه زار عدنالمدينة الساحرة الواقعة على بحر العرب ونقطة الوصل بين الشرق والغرب عبر تاريخ الملاحة البحرية.. عدن عيدها اليوم وجاراتها من المدن الجميلة الساحرة غير كل الأعياد.. عيد تراكمت أفراحه وتكاثرت واجتمعت في موسم واحد, فطوبى لعدن وأهلها ومحبيها.. طوبى لكل الأوفياء الطيبين الذين يمسحون عنها ندبات الزمن وآثاره التي علقت بوجه المدينة والشطآن, وما من مدينة في الدنيا إلا ويطؤها شيء من ذلك، فطوبى لهم جميعاً وهم يرسمون وجه اليمن الجميل من خلال هذه المدينة الجميلة بالفطرة من غير تجميل ولكن ليكشف النقاب عن جمالها وجمال كل اليمن. عدن التي ما ضاقت يوماً بضيوفها ولن تضيق وهكذا أرادها الله على مر الزمن.. مدينة لم يعرف وجهها العبوس رغم كل المنغصات ورغم كل الدماء التي سالت على تربتها في حقب الصراع وأعوام الخلاف وفي مراحل عديدة, لكنها تزداد بهاء وشروقاً، ويزداد ضياء ثغرها الباسم في زمن السلم والأمان، ويمتد ضوء ابتساماتها إلى كل الثغور ويصل إلى كل القرى والمدن, فإن ضحكت عدن ضحكت كل اليمن، ولا عاش من يريد لها ألا تبتسم ولا عاش من يريد أن يسلبها ابتسامتها وفرحتها الدائمة.