كسبت بلادنا الرهان وأثبتت للجميع قدرتها على تنظيم حدث كروي كبير بحجم بطولة كأس الخليج لكرة القدم بعد أن استعدت جيداً ووفرت كافة مقومات النجاح، واللافت من خلال مباريات الدور الأول التي تختتم بعد غد الثلاثاء فإن بلادنا حققت أعلى معدلات النجاح في الاستضافة وباتت بطولة خليجي 20 هي الأكثر نجاحاً من نواح عدة سواء في الجانب التنظيمي ومتطلبات الاستضافة أم في الجانب الجماهيري، فهي بشهادة الكثير من المتابعين والمهتمين من أكثر البطولات جماهيرية حتى بعد أن أخفق منتخبنا الوطني في مشاركته الرابعة في البطولة المقامة حالياً على أرضه وبين جمهوره, حيث ظن البعض أن خروج المنتخب الوطني من دائرة المنافسة والتأهل إلى الدور الثاني سيؤثر على الحضور الجماهيري، متناسين أن الجماهير الرياضية في بلادنا تعشق كرة القدم، وتتابع بشغف سير منافسات بطولات كأس الخليج المتعاقبة منذ انطلاق نسختها الأولى، ومن المستحيل تفويت فرصة الاستمتاع بمشاهدة هذه البطولة على أرض الوطن حتى ولو خرج المنتخب الوطني؛لأن المتعة لاتزال قائمة، والمنافسة ستكون أقوى في الأدوار القادمة من البطولة. صحيح أننا جميعاً أصبنا بخيبة أمل عقب خروج منتخبنا الوطني، بعد أن كنا نطمح بأن نذهب بعيداً ولو حتى التأهل إلى الدور الثاني، ولكن ضعف اللياقة والخلل القائم في الجانب الدفاعي واعتماد الجهاز الفني على مهاجم واحد وقبل كل ذلك مشيئة الله أدت إلى الخروج من البطولة، وعلى الرغم من خروج منتخبنا من البطولة إلا أن ذلك كشف لنا حجم الحب والولاء والانتماء لهذا الوطن من قبل كل أبنائه الذين تفاعلوا مع مباريات المنتخب وبدت أغلب شوارع وأحياء المدن الرئيسة شبه خالية من المارة, حيث تسمّر الجميع أمام شاشات التلفاز لمؤازرة وتشجيع الأحمر الكبير في خليجي 20, لبسوا فانيلات المنتخب ورفعوا الأعلام وتضرعوا إلى الله بالدعاء للمنتخب بالنصر, رغم معرفتهم المسبقة بأن المجموعة التي أوقعت القرعة فيها بلادنا ليست بالسهلة، وخصوصاً أنها تضم ثلاثة منتخبات قوية ومرشحة بقوة لخطف اللقب، فالسعودية التي تأهلت لكأس العالم ثلاث مرات وحققت كأس آسيا لمرتين وفازت بكأس الخليج ثلاث مرات, وقطر التي سبق لها الفوز بكأس آسيا وفازت بكأس الخليج لمرتين, والكويت التي سبق لها التأهل لكأس العالم وفازت بكأس الخليج في تسع دورات سابقة, كلها منتخبات لها تاريخ كروي عريق، ومن الطبيعي أن يكون منتخبنا في مهمة صعبة خلال مبارياته معها, ولا يعني أن منتخبنا الوطني كان لقمة سائغة لهذه المنتخبات خلال مجريات البطولة، فقد قدم اللاعبون فواصل من الإبداع الكروي الجميل وتفوقوا في كثير فترات المباريات على المنافسين، ولكن قلة الخبرة وكثرة الأخطاء الدفاعية والضغوطات النفسية على اللاعبين وهم يلعبون المباريات على أرضهم وبين جمهورهم أفقدهم القدرة على التركيز داخل الملعب فكانت الخسارة هي النتيجة, ولا يعني ذلك نهاية المطاف, فنحن نجحنا في إيجاد هذا المنتخب، وعلينا الحفاظ عليه ورفده بالعناصر الجيدة لتغطية الخلل القائم في بعض المراكز، وعلى وجه التحديد خط الدفاع, لا نريد أن يداخل الإحباط واليأس صفوف اللاعبين بتراجع اهتمام ودعم الاتحاد العام لكرة القدم ووزارة الشباب والرياضة والحكومة والقيادة السياسية, نريد أن يتفهم الجميع أننا مازلنا في بداية الطريق، ومن الطبيعي مواجهة وتحمل مثل هذه الإخفاقات, وأن اللاعبين أدوا ما عليهم، وكل فرد منهم لم يتوانَ في بذل كل جهده من أجل تشريف اليمن وتشريف الرياضة اليمنية، ولكن ما باليد حيلة، وبإذن الله سنتجاوز الإخفاق وسنصل بمشيئة الله، وفي ظل استمرار الدعم والرعاية والاهتمام بالمنتخبات الوطنية إلى المستوى الذي ننافس به كبار المنتخبات على المستويين العربي والآسيوي، وليست إنجازات منتخب الأمل عنا ببعيد, كلنا حزنا على خسارة المنتخب، والكثير منا ذرفوا الدموع، ولكن هذا هو حال كرة القدم فوز وخسارة، وعلينا أن نتقبل الخسارة بروح رياضية ولا نقسوا على المنتخب وجهازه الفني والإداري وحتى اتحاد كرة القدم ووزارة الشباب والرياضة؛ لأنهم قاموا بالمهام والمسئوليات المنوطة بهم على أكمل وجه, ولا ننسى جميعاً أننا كنا نطمح إلى نجاح بلادنا في استضافة خليجي 20، وسعينا جميعاً من أجل تحقيق هذا النجاح, وبالنسبة للمنتخب الوطني فإننا طمحنا في التأهل إلى الدور الثاني كأعلى مستويات الطموح، والبعض اقتصر طموحه إلى تحقيق أول فوز في تاريخ مشاركاتنا في كأس الخليج, فيما ذهب البعض الآخر في طموحاتهم إلى الظهور بمستوى مغاير لما كان عليه في البطولة السابقة وتقديم أداء مشرف. وفي ظل هذه الطموحات وأمام الواقع الذي أفرزته مشاركة منتخبنا الوطني في خليجي 20 فإن المؤمل من الجماهير الرياضية أن تلتف خلف المنتخب وأن تواصل تدفقها إلى مدينتي عدن وأبين لمتابعة مجريات البطولة وتشجيع ومؤازرة المنتخبات التي سيبتسم لها الحظ بالتأهل إلى الأدوار النهائية من أجل إظفاء نكهة خاصة للمنافسة في هذه البطولة، وأن نظفر بكأس البطولة الأكثر جماهيرية، بالإضافة إلى كأس حسن الاستضافة، ويكفينا أن نحصل من هذه البطولة ذلك، فالواقعية مطلوبة وعلى الإعلاميين الرياضيين أن يبتعدوا عن الكتابات الاستفزازية الجارحة، فما حصل لم يكن مستبعداً، وعليهم تحفيز اللاعبين والجماهير الرياضية من أجل رسم ما تبقى من لوحة النجاح التي يرسمها أبناء يمن التاريخ والأصالة, يمن الحضارة والأمجاد, بمعية أشقائهم من دول الخليج والعراق لتبدو هذه اللوحة في حفل اختتام البطولة زاهية وجميلة وساحرة وجذابة تماماً كالطبيعة الربانية الساحرة التي حباها المولى عز وجل ليمننا الحبيب, اليمن السعيد, موطن الأمجاد وأصل العروبة, لنزف الكأس الخليجية في نسختها العشرين للمنتخب الذي سيعزف سيمفونية الانتصار على المستطيل الأخضر حتى النهاية السعيدة بالتتويج باللقب الغالي للبطولة الأغلى في منطقة الخليج. وللجميع خالص الود.