لقراءة متأنية لأبعاد تصريحات رئيس الوزراء الاثيوبي ميليس زيناوي والتي اتهم فيها مصر بمساندة متمردي اثيوبيا ضد النظام, لا بأس من احتساب التوقيت أولاً، ثم ارتباط الموضوع بالمشكلة المائية الناشبة الآن بين دول المنبع لمياه النيل ودولتي المصب العربيتين مصر والسودان، وأخيراً وليس آخر علاقة كل ذلك بالمُتغير في الأوضاع الإقليمية، وخاصة المتغيرات السودانية والصومالية والارتيرية، حتى نتسبين وجه التقاطع السلبي بين مصر واثيوبيا، خاصة إذا تأكدنا أن هذه المتغيرات لا تجري لصالح التوليفة السياسية والمجتمعية الاوثيوبية، مما سنأتي عليه تباعاً. ونبدأ بالتوقيت الذي يترافق مع الانتخابات البرلمانية المصرية، والملاحظات الأمريكية السافرة على مجرياتها، ومطالبتها بمراقبين دوليين، الأمر الذي حدا بالحكومة المصرية إلى اعتبار هذه الملاحظات بمثابة تدخُّل في الشؤون الداخلية المصرية.. وبالتوازي مع ذلك تحرك وزير الخارجية المصري إلى انقرة في اشارة ذات مغزى، لكن هذا التحرك سرعان ما وجد رجع صدى غير مباشر من خلال تصريحات ميليس زيناوي التي تعتبر بمثابة ورقة ثقيلة تُرمى في وجه الدبلوماسية المصرية.. ثم نأتي على المشكلة المائية المرتبطة بحصة مصر من مياه النيل والتي تكرّست تاريخياً باتفاقية عام 1929م التي نصّت على أن يكون لمصر حصة قدرها 87 في المائة من مياه حوض النيل.. وتعتبر مصر هذه الاتفاقية أساساً للتفاوض مع الشركاء، وتستند في مرجعياتها القانونية على ترسيمات ما بعد الحرب العالمية الأولى التي لا تطال الحصص المائية فحسب، بل أيضاً الخرائط الجيوسياسة السائدة، وبهذا المعنى ترى مصر أن فتح موضوع اتفاقيات ما بعد الحربين العالميتين يعني أيضاً وضمناً فتح الباب لمتوالية مراجعات شاملة قد تطال حتى التركيبات الجيوسياسية للدول، كما هو الحال بالنسبة لصوماليا الكبرى المكونة تاريخياً من 5 أقاليم موحدة إثنياً ودينياً، ولكن المرصودة في أساس القانون الدولي من خلال إقليمين فقط هما “جوبا السُفلى والعليا” واستثناء بقية المناطق الموزعة حصراً في كينياواثيوبيا وجيبوتي، وللحديث صلة.