يبدو أن المرحلة الراهنة افتقدت فكر الوسطية, والبعض يرى في الوسطية ضعفاً ,وهذا دليل على عدم الفهم، فالوسطية والاعتدال قوة خيرية تتوسط قوتين شريرتين متطرفتين إرهابيتين ,وقوة الوسطية والاعتدال تتمثل في القدرة على منع العنف بين القوتين المتطرفتين وتسعى هذه القوة إلى فرض المحبة والسلام ونشر التسامح وخلق الوئام ومنع الفرقة والاقتتال ,وردم هوة الاختلافات وسد باب الذرائع، ومنع الدخول في المختلف عليه. إن الوسطية والاعتدال عندما نقول بأنها قوة لأنها الطريق إلى التعمير والبناء، أما قوى التطرف والإرهاب فهي قوة الهدم والتدمير وخلق الفتن وإشعال نيران الحروب التي تقضي على الأخضر واليابس وتهلك الحرث والنسل, وتعيث في الأرض فساداً , وتحول الحياة إلى جحيم , ولذلك جاء ديننا الإسلامي الحنيف وسطاً لمواجهة قوى الإرهاب والتطرف قال تعالى (وكذلك جعلناكم أمة وسطا) وهذا يعني أن الوسطية قوة مستمدة من الإرادة الإلهية المكلفة بإعمار الأرض وصنع الحضارة وجلب المنافع للناس ,والتصدي لقوى الشر والعدوان ومنع سيطرتها على الإنسان. ولئن كانت الإنسانية اليوم قد أبدعت في مختلف العلوم, بل وسخرت بعض العلوم لتدمير الإنسان وافساده إلا أنها لم تتمكن من علم الإيمان بالله الذي خلق الكون كله وهيأه للإنسان ,هذا الإيمان لايأتي إلا عن طريق معرفة الوسطية والاعتدال، لأنه القوة الرادعة للنزعات الشريرة والعدوانية ,ولذلك فإن الحكمة من جعل الإسلام خاتم الأديان لأنه دين الوسطية والاعتدال الرافض للعنف والإرهاب والتدمير , الداعي للمحبة والإنسانية والرحمة والإخوة والوئام, وإعمار الأرض على هذا الأساس المتوازن الذي لاتطغى فيه قوة على قوة فيسود السلام ,ويبني التعايش بين الأمم وتختفي نوازع الشر والحقد والكراهية.. إن الوسطية والاعتدال منهج حياة آمنة مستقرة, وعالمنا اليوم في أمس الحاجة إلى ذلك وهو قريب فيهم إن ارادوا حياة الأمن والاستقرار والسلام، فالإسلام الحنيف هو الوسطية المنقذة من شرور الإنسان وطغيانه وهو الصراط المستقيم ,فهل حان الوقت إلى العودة إلى جوهر الإسلام؟ نأمل ذلك بإذن الله.