جاءت أمريكا إلى المنطقة بقضها وقضيضها والرجال وجلبت على العرب بخيل وركاب وطائرات، ولكن قانون التاريخ كما يقول (توينبي) أنه يحقق أشياء غير التي رسمها الجبارون. وهكذا وفي عام 2010 م نقر في الناقور أن أمريكا ستودع غير مأسوف عليها، ومعها اللعنة وسوء الدار، وانهيار أمريكا سيأتي من إفلاس الجيب مع كل السلاح؟. وعندما جهز بيازيد الثاني نصف مليون جندي لاجتياح أوربا فوجىء بتيمورلنك في معركة أنقرة عام 1402م فنجا الجنين الأوروبي من الاختناق العثماني، مما يظهر المغزى الميتافيزيقي للتاريخ. وتبقى الحرب نزعة انتحارية تقضي على من يمارسها كما جاء في الإنجيل أن من أخذ السيف بالسيف يهلك. وطوبى للودعاء لأنهم يرثون الأرض. وفي يوم سادت البسيطة الديناصورات ولكنهم اختفوا كلية قبل 65 مليون نسمة ولم يدل عليهم سوى هياكلهم الهائلة بأدمغة قاصرة وهو قدر القوى العظمى التي تنتفخ مثل الأورام الخبيثة ثم تَهلَك وتُهلِك. سنة الله في خلقه. لقد كرر بوش غلطة دولة آشور وسيف تراجان الروماني واورانجزيب الهندي وكزركسيس الفارسي وورتي من أسرة هان من الصين وقره مصطفى حينما حاصر فيينا بربع مليون جندي من الانكشارية عام 1683م والصليبيون عام 1099م. وكما يقول (توينبي) فإن الصينيين حركوا أعشاش الزنابير الأوراسي، كما حرك العثمانيون عش الزنابير الأوربي. وكررت أمريكا نفس الغلطة فتضع أصابعها في عش الزنابير الإسلامي ففرخت القاعدة قواعد لانهاية لها مثل انتشار سرطان الكولونات والمعدة ورأس البانكرياس.. وإذا كان هادريان حاول أن يرمم ما فعل سيف تراجان حينما دفع الحدود حتى الخليج ؛ فإن الرجوع في المساحة لا يعني ذلك في السياسة. كما أن الحصار العثماني عام 1683 استنفر هجمة مضادة ولم ينجو الغزو العثماني من العقاب، واستمر التراجع بدون توقف حتى بحر مرمرة، ودمرت الخلافة العثمانية شر تدمير عام 1923م وانحصر الأتراك في الأناضول موطن أجدادهم ومزقوا كل ممزق وأصبحوا أحاديث. واليوم لا تفتح تركيا أوربا بل تطلب أن تُفتَح وتناشد الانضمام للوحدة الأوربية وتعدل قوانينها فينجو رأس أوجلان من حبل المشنقة بعد أن تدلى فوق رأسه فكان قاب قوسين أو أدنى. ويعتبر باول كيندي في كتابه (صعود وسقوط القوى العظمى) أن قانون فرط التوسع هو الذي أودى الإمبراطوريات المهالك في القرون الخمسة الفارطة. إن العالم يدخل مرحلة جديدة تذكر بوضع روما بعد معركة زاما عام 146 ق. م ولكن (أوسفالد شبنجلر) في كتابه (أفول الغرب) يرى أن نهاية (قرطاجنة) أعلنت نهاية روما فانتهت الجمهورية لتتحول إلى دولة استعمارية سبب تمددها في حوض المتوسط فقدان قدرة تقرير المصير عند شعوب المنطقة أكثر من حيوية روما. وهو الذي يفسر استرداد الإسلام المنطقة بمعارك رمزية في القرن السابع الميلادي لأنها وجدت شعوبا ترحب بقدومها.