استغرب كثيراً من إصرار بعض قادة المعارضة السياسية والحزبية على مغالطة الشعب بزعمهم أن لا مشكلة من وراء تأجيل الانتخابات البرلمانية القادمة “سنة سنتين ثلاثاً” لأن الحوار بحسب زعمهم هو الأهم وهو الذي سيؤدي إلى إجرائها ولو بعد حين، في الوقت الذي يعلم فيه القاصي والداني أنهم لم يتركوا شاردة أو واردة إلا واستغلوها لتعطيل ذلك الحوار المفترى عليه طوال السنتين الماضيتين. وتبلغ بي الدهشة حد الرثاء عندما أسمع أو أقرأ لبعض هؤلاء القادة نفيهم القاطع بأن لا فراغ دستوري سيخلقه تأجيل هذه الانتخابات آجلاً أم عاجلاً، متجاهلين عن قصد مع سبق إصرار أنهم، وعبر كتلتهم البرلمانية في مجلس النواب، لم يتمكنوا من تأجيل الانتخابات التي كان مقرراً إجراؤها في ابريل 2009م إلا بعد إن تم تعديل دستوري للمادة رقم (65) من الدستور والذي سمح أي التعديل بتمديد مجلس النواب الحالي بانقضاء فترة التمديد هذه، لأنه لن تكون هناك مرة ثانية لتجديد التمديد، مما سيؤدي إلى إدخال البلاد في “ فراغ دستوري” منصوص عليه شرعاً بموجب ذلك التعديل الدستوري وتصديق كافة الكتل البرلمانية وفي مقدمتها كتلة أحزاب اللقاء “المشترك” نفسها. وبما أن من المسلّم به أن الانتخابات البرلمانية هي روح الديمقراطية وجوهرها، فإن القاعدة التي لا تقبل الجدل تقول بحتمية الانتخابات في موعدها المحدد لها ب (27) أبريل 2011، وإن تأجيلها يعتبر قتلاً لهذه الروح، وتشويها وطمسا لذلك الجوهر, وهذا ما تخطط له وتراهن عليه تلك القوى السياسية المعارضة, رهانها على إحداث فراغ دستوري سيدفع بالحزب الحاكم (المؤتمر الشعبي العام) بوصفه مسئولاً عند إجراء الانتخابات حالياً بحكم الثقة التي أولتها له جماهير الناخبين وحصل من خلالها على أغلبية مقاعد مجلس النواب إلى القبول ب (مؤسسة) بديلة عن المؤسسة الدستورية الشرعية تقوم على مبدأ (تقاسم مقاعد البرلمان) أو (التوافق) كما يسميه قادة تلك القوى المعارضة, اضطراراً منه لسد ذلكم الفراغ الدستوري. وكما يقال عندما يفشل الفاشلون تثور حفيظتهم؛ فقد أقام أقطاب المعارضة الدنيا ولم يقعدوها بعد, عندما فوجئوا بحسم الحزب الحاكم وكتلته البرلمانية معضلة إجراء الانتخابات وصدّقوا على قانون التعديل الذي يعتبر المفتاح الديمقراطي للذهاب إليها. وأعلنت هذه الأقطاب اعتصاماً هلامياً في مجلس النواب ولا تزال تهدد بتصعيده ولكن إلى مزبلة التاريخ حيث المكان الحقيقي لمغتصبي إرادة الشعب اليمني في ممارسة حقه الدستوري الديمقراطي. ومهما تمادوا في تصعيدهم هذا وهددوا بالخروج إلى الشارع فإن الشارع الذي ينتظرهم هو شارع يأوي إليه المشردون والفاشلون والمقامرون واللصوص الذين نهبوا واستلبوا حقوق وطنهم، أما الشارع السياسي الحقيقي فهو شارع الشعب الذي ينتظر إيماءة من الحاكم.. مجرد إيماءة ليثور على هؤلاء المشردين الذين يتسلقون عن سبق إصرار قمة الهاوية حيث ينتظرهم السقوط المريع.. و”غلطة الشاطر ياجماعة الخير هي بعشر”..! قال الشاعر: ومن يتتبع جاهداً كل عثرة يجدها، ولا يسلم له الدهر صاحبُ ( كُثيّر عزة) [email protected]