خلال السنتين الماضيتين بدأت دول منابع وروافد النيل تتحدث عن إعادة توزيع مياه النيل، وتتكلم عن حواجز مائية لتوليد الطاقة الكهرومائية، وهناك اليوم الاستفتاء في جنوب السودان في محاولة لإيجاد دولة جديدة في الجنوب.. وهذه سوف تطالب بحصة من مياه النيل.. كل هذه التوجهات لدى دول النيل الأفريقية، وقيام دولة جنوب السودان يهدد أمن مصر القومي، ويهدد حياة مصر دولة وشعباً.. فحياة مصر وشعب مصر منذ القدم تعتمد وتستمر على استمرار تدفق مياه النيل التي تتحول مصر بدونها إلى صحراء جرداء ليس فيها سوى الموت. كيف ولد هذا الخطر الذي يهدد حياة مصر؟! هذا الخطر ولد مع تمدد الصهاينة إلى دول النيل في وسط أفريقيا وثبوت وجودها وعلاقتها بقيادات جنوب السودان الساعية إلى إقامة دولة في جنوب السودان.. ونحن نعلم أن الكيان الصهيوني يتوق إلى مياه النيل، وقد طالب مصر بعد معاهدة السلام بالحصول على مياه من النيل.. إن كل الشواهد، والمعطيات تؤكد أن الصهيونية مباشرة وغير مباشرة تسعى لإحكام قبضتها على حياة مصر من الجنوب من حيث تتبع حياة مصر في وسط أفريقيا، وجنوب السودان. بعد الثورة المصرية حافظت على علاقات إستراتيجية مع دول حوض النيل وروافده، وعملت على تعزيز تواجدها وحضورها هناك، إدراكاً منها بأن أمن وحياة مصر تمتد من حوض النيل.. لكن بعد رحيل عبدالناصر..جاء المرحوم السادات وانكفأ بسياسة مصر نحو الداخل، وترك فراغاً كبيراً في منطقة حوض النيل، ويأتي الصهاينة ليملأوا الفراغ الذي تركته مصر، ووطدوا وجودهم هناك..وخططوا لتشديد القبضة على حوض النيل في وسط أفريقيا وجنوب السودان، ليضعوا مصر تحت رحمتهم.. الخلاصة أن مصر ليس أمامها سوى طريقين إما الخضوع والامتثال لإرادة الصهاينة، وتنفيذ كل ما يطلبون.. وإما العودة وبقوة إلى دورها القومي والأفريقي الأسبق.. بل والسعي إلى موقع الريادة القومية والأفريقية والإسلامية.. وتستعيد فاعليتها العربية الإسلامية الأفريقية، وذلك لتحجيم العدو الصهيوني وتعيده إلى شرنقته.