لعل الجغرافيا اليمنية خير دليل على معنى التنوّع والقابليات، فاليمن الممتد على مساحة 550000 كم مربع مفتوحة على سلسلة من البحار الزاخرة، فمن الشرق بحر العرب المتصل بالمحيط الهندي، ومن الجنوب خليج عدن الموصول أيضاً بالمحيط الهندي وبحر العرب، ومن الغرب البحر الأحمر، وبشاطئ يمتد لما يزيد عن 2500 كم طولاً، وبالمقابل تتموْضع في تلك البحار ما يزيد عن 300 جزيرة متعددة الأحجام والظهور الموسمي، وأبرزها جزيرة سقطرة ( راجع كتاب المرحوم عبدالله بورجي حول الجزر اليمنية). وفي اليمن سلاسل جبلية متعددة الأطوال.. تصل أعلى قمة فيها إلى 3660 متراً فوق سطح البحر، وتتهادى تلك القمم تدرجاً إلى الأسفل حتى تقترب من سطح الأرض في مناطق الوديان الخصيبة، وتعتبر الزراعة المطرية مصدراً حاسماً للأمن الغذائي، غير إننا بمحركات الدفع الإدارية المتهاوية لن نسمح للمحافظات والأقاليم المختلفة بمواجهة استحقاقات الزخم المائي الوفير في الصيف عبر السدود وقنوات الري والصرف التي لا يمكن الارتقاء بها في ظل وزارات مركزية يصعب عليها ترشيد المياه، وتأمين شبكات معقدة ومتنوعة من طرق الحفظ والترشيد . يجدر الإشارة في هذا الباب إلى الصين التي تمثل قمة التجربة الإنسانية في استخدام وترشيد المياه، فقد قررت لتوها والساعة، استثمار المزيد من المليارات في الاقتصاد المائي كنوع من الإقرار بتعدد البدائل، وتنوع المخارج والرؤى، وتوفر أسباب جديدة لمزيد من التنمية المائية ذات الصلة بكل أوجه الحياة. لكن صانعو المعجزة الصينية أدركوا مبكراً أنهم لا يستطيعون تأمين النجاح دون المشاركة الأفقية لمختلف الأقاليم، ومن هنا عبقرية الصين التي استبقت استلام مستعمرتي «هونج كونج وماكاو» بشعار «صين واحدة ونظامين». [email protected]