ينظر السياسيون الاستراتيجيون إلى العلاقات اليمنية التركية بمنظار البعد الاستراتيجي, الذي يشكله الموقع الجغرافي المميز للبلدين, فاليمن تشرف على أعظم الممرات المائية في العالم, الذي يعد شريان الحياة التجارية عبر العصور المختلفة, والذي ربط الشرق بالغرب, وتطل على البحر الأحمر والبحر العربي والمحيط الهندي, وهي همزة الوصل بين قارة أفريقيا وآسيا.. وتركيا تمثل همزة الوصل المباشرة بين آسيا وأوروبا، بالإضافة إلى ذلك فإن السياسيين لا يغفلون البعد التاريخي للحضارتين التركية واليمنية والصلات الحميمية بين اليمنيين والأتراك منذ أيام الإمبراطورية العثمانية, التي ظهرت إبان الخلافة الإسلامية في تركيا. إن النظر إلى هذه الأبعاد الإستراتيجية والتاريخية والدينية يعطي مؤشراً قوياً على قدرة البلدين في إحداث نقلة نوعية جديدة في العلاقات الثنائية بينهما, تخلق شراكة حقيقية في الاقتصاد والتجارة، وتعطي البعد السياسي عمقاً فاعلاً ومؤثراً في العلاقات الدولية, كما يخدم القضايا العربية والإسلامية على حد سواء، ولعل زيارة الرئيس التركي عبدالله غول إلى اليمن تصب في هذا الاتجاه، حيث إن اليمن بقيادة الرئيس على عبدالله صالح قد هيأ الظروف المناسبة لهذه الزيارة التاريخية، وبقي العمل النوعي, الذي ينبغي اتخاذه في هذا الاتجاه لما من شأنه خلق الشراكة الحقيقية بين البلدين الشقيقين, ونقل العلاقات الثنائية إلى حيز واسع يعود نفعها على البلدين, ليعزز من الصلات التاريخية والدينية ويجسد التبادل العملي للمنافع المشتركة، ويقوي من المواقف الموحدة إزاء القضايا العربية والإسلامية في المحافل الدولية. إن العلاقات اليمنية والتركية الضارية جذورها في أعماق التاريخ رافعة أساسية لتعميق أواصر التقارب بين اليمنيين والأتراك، وتعطي الأمة العربية والإسلامية أملاً جديداً في إحياء التضامن وتوحيد المواقف تجاه قضايا الأمة العربية والإسلامية باتجاه لعب دور محوري في العلاقات الدولية, يشد من أزر الأمة العربية والإسلامية، ويعزز التوازن المطلوب بين العالم الإسلامي والتكتلات الأخرى في العالم، وهو يخلق سلاماً حقيقياً في منطقة الشرق الأوسط والقرن الأفريقي, ويقود إلى حالة التعايش السلمي القائم على تبادل المنافع واحترام المبادىء. القمة اليمنية التركية ناقشت العديد من القضايا على مستوى العلاقات الثنائية وقضايا الأمة العربية والإسلامية في ظل وجود الاحتلال الصهيوني للأرض العربية والمقدسات الإسلامية, وحالة الصلف الصهيوني ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني حيث يلمس العالم إجماعاً على أن السلام العادل في المنطقة لا يمكن أن يتحقق إلا بإقامة الدولة الفلسطينية على ترابها الوطني وعاصمتها القدس الشريف.. ولذلك فإن وحدة المواقف اليمنية التركية هو الطريق الذي يعزز من وحدة الصف العربي والإسلامي في خدمة قضايا الأمة بإذن الله.