لم تدرك الأحزاب والتنظيمات السياسية مهمتها الأساسية في التنشئة السياسية, ولم تدرك بعد أنها معنية بالتأهيل والتدريب واكتشاف العناصر القيادية والعمل على تأهيلها وتدريبها والسعي إلى إيصالها إلى مواقع صناعة القرار, لأن بعض القوى الحزبية الحالية لم تبلغ درجة النضج السياسي, ولم تؤمن بعد بالعمل المؤسسي, بل إن قادة تلك الأحزاب السياسية لايتمتعون بالنظرة المستقبلية وإن تفكيرهم لايتجاوز تحت أقدامهم, والأكثر من ذلك مازال التفكير الحزبي في أذهان القيادات شخصياً ولم يصل مرحلة العمل المؤسسي والنظرية الكلية للوطن, ثم الحزب أو التنظيم, كما أن الأحزاب والتنظيمات السياسية حتى اللحظة لم تؤمن بأهمية اكتشاف العناصر القيادية الجماهيرية, وإن اتضحت معالم القدرة على القيادة وكسب الجماهير فإن تلك القيادات تسعى إلى محاربة مثل هذه العناصر وتسعى للحيلولة دون وصولها إلى المواقع القيادية العليا. إن التفكير الذي يسيطر على الأحزاب والتنظيمات السياسية في الساحة اليمنية مازال فئوياً ومناطقياً وجاهلياً وعصبياً وجهوياً، بمعنى أن القوى التقليدية من قبلية وطائفية تقف في وجه الحداثة والتنوير, لدرجة أن بعض القيادات الحزبية تفصح عن هذا التوجه بشراسة وحقد لامثيل له, وتسعى للسيطرة على المواقع بكل الوسائل دون أن يكون لها الحق في ذلك, وتنظر إلى العناصر المؤهلة والقادرة بعين الحقد والزوال, وإذا استمرت هذه الأحزاب على هذا المنوال فإن مسألة التحديث في التكوينات القاعدية والقيادية المختلفة لتلك الأحزاب والتنظيمات السياسية لن يتم في القريب العاجل مطلقاً. إن على الأحزاب والتنظيمات السياسية أن تغيّر من نظرتها التقليدية وتتجه نحو التحديث والعمل المؤسسي ولايجوز أن تكون الأحزاب والتنظيمات السياسية مرتبطة بأشخاص دون غيرهم, بل ينبغي التفكير الجدي في كيفية تأهيل وتدريب العناصر الفاعلة والجماهيرية والعمل على إيصالها إلى المواقع المتقدمة في العمل السياسي, ولايجوز الوقوف عند الوجاهات التي سقطت تأثيراتها مع الزمن ولم تعد مقبولة, وينبغي أن تكون الأحزاب والتنظيمات السياسية أكثر انفتاحاً على الشخصيات النوعية من أجل إيجاد الشخصيات الحزبية الوطنية التي تحظى بالقبول الجماهيري, والمؤمل أن تعمل الأحزاب في هذا الاتجاه بإذن الله.