المتأمل جيداً في أوضاعنا العربية الراهنة بتحدياتها الاقتصادية والمالية يلمس عن قرب أن التعليم الجيد ومؤسساته المختلفة وبكل مستوياتها أمكن غرس القيم الديمقراطية والسلوك الديمقراطي في أوساط الشباب وحسهم وتفكيرهم ووجدانهم وضمائرهم وعقولهم بحيث تصبح الديمقراطية فلسفة لحياتهم وأسلوبهم في الحياة ومن ثم طريق مساهماتهم الجادة والفاعلة في خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق المجتمع الديمقراطي الحقيقي. وعلى هذا الأساس أمكن للمؤسسات التربوية تدريب الأجيال من الشباب والنخب الصاعدة على الحياة الديمقراطية عقيدة ومبدأً وقولاً وفعلاً وسلوكاً مع إسهام المجتمع المدني والمنظمات الجماهيرية المهنية ومؤسسات الإعلام والثقافة الجماهيرية، على اعتبار أن الديمقراطية مسألة تربوية في المقام الأول وهدف رئيس من أهداف مؤسساتنا التربوية الحديثة المعاصرة ومن الأهمية بمكان ربط الديمقراطية بالقيم والمثل الأخلاقية كالأخلاق في المقام الأول الأساس القوي للسلوك الديمقراطي. ونحن نواجه في الوقت الراهن الكثير من التحديات والصعوبات والتهديدات والأخطار والأطماع ونرفض مطلقاً فكرة الديمقراطية المفروضة من الغرب، مع علمنا يقيناً أنه لا يسعى ولن يسعى مخلص لحماية حقوق الإنسان بل إنما يستعمل هذه الشعارات لممارسة الضغط على الحكومات العربية تحت إدعائه المطالبة بالديمقراطية وتحويل ذلك غطاءً زائفاً مكشوفاً تحت مصطلح العولمة والحداثة والتغريب والانفتاح الاقتصادي والعشوائي في حين لابد من الحدّ من موجات الغلاء الفاحش والاحتكار والكسب غير المشروع. والحقيقة التي لا يختلف حولها اثنان أن شعوبنا العربية تأمل تحقيق حلمها بأن تتحمل بنود حقوق الإنسان وقواعد الحريات العامة إلى حقيقة على أرض واقعنا العربي وإنجاح جهود الإصلاحات الديمقراطية ومن ثم سيادة الممارسة الديمقراطية بطريقة تلقائية وإيجابية وتكوين الشخصية العربية المتكاملة والناضجة والواعية والوطنية والقادرة على العمل والإنتاج والعطاء وتحقيق التنمية المستدامة وتنمية مشاعر الانتماء العربي والإسلامي وغرس قيم العروبة والإسلام في نفوس النشء الجديد والإصلاح الحقيقي، وهذا ما نلمسه حقيقة في كثير من الدول العربية التي انتهجت الديمقراطية خياراً سياسياً أفرز عن قرب انجازات اقتصادية وسياسية من بينها بلادنا الجمهورية اليمنية عبر الأحزاب والتعددية السياسية وحرية الرأي والرأي الآخر وتوطيد العلاقة بين الشعب والسلطة ونشر الديمقراطية عن طريق التربية والتعليم والصحافة الديمقراطية واستغلال السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية وصيانة حرية الصحافة التي هي لسان الأمة وتدعيم التعليم الجيد واستشراف الحلم الوطني الكبير في الثاني والعشرين من مايو 1990م لتعميد الديمقراطية بمضامينها السياسية والديمقراطية وصيانة الوحدة اليمنية كإنجاز جماهيري على مستوى الوطن العربي.