إن المتأمل في أوضاعنا العربية والإسلامية الراهنة يلمس باهتمام كبير أنه من الممكن غرس القيم الديمقراطية والسلوك الديمقراطي في حس وفكر الشباب وفي وجدانهم وضمائرهم وعقولهم عن طريق التعليم الجيد ومؤسساته المختلفة بكل مستوياتها الجامعية والأكاديمية بحيث تصبح الديمقراطية فلسفة في حياتهم أو أسلوبهم في الحياة. سالم شيخ باوزير المؤسسات التربوية والتعليمية والجامعات ومراكز الابحاث العلمية والأكاديمية تتحمل المهمة الكبيرة والمسئولية التاريخية في تربية وتوعية وتدريب وتأهيل الأجيال الحالية والصاعدة إلى الحياة الديمقراطية وتعميق الفهم الفلسفي لعصرنة الحداثة والعولمة والإيمان بالتجربة الديمقراطية خياراً وقوة وسلوكاً وممارسة عملية تسهم في ظلها الأجيال القادمة من الشباب والطلاب والمرأة جنباً إلى جنب مع مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الثقافية والأدبية والإعلامية والجماهيرية على اعتبار أن الديمقراطية مسألة تربوية في المقام الأول وتمثل هدفاً رئيساً محورياً من أهداف التربية والتعليم ومؤسساتها بما يؤمن ربط الديمقراطية بالقيم والمثل الأخلاقية كون الأخلاق الأساس القوي والمتين للسلوك والممارسة الديمقراطية . ولا شك وفي ضوء ما يؤكد السياسيون والديمقراطيون فإن الممارسة الديمقراطية بطريقة علمية واعية وتلقائية وإيجابية تساعد على خلق وتكوين الشخصية العربية الكاملة والناضجة والواعية والوطنية القادرة على العمل والعطاء الاقتصادي والاسهام بفعالية في خطط التنمية الشاملة وتنمية عوامل ومشاعر الانتماء الوطني العربي والإسلامي وغرس مداميك الفهم والاستيعاب للقضايا الراهنة وتعميق روح الدفاع عن الأهداف المرحلية والتاريخية والآمال والطموحات المخزونة في نفوس النشء الجديد والشباب والمواطنين ومهما كانت تطلعات شعوبنا العربية والإسلامية إلى الديمقراطية واشراقاتها العظيمة فهم يرفضون بصورة قاطعة فرض أية وصايا اجنبية أو غربية تسيئ إلى جوهر الديمقراطية ،وكذا رفض فكرة الديمقراطية التي يفرضها الغرب والولايات المتحدةالأمريكية لما لهذه المسألة من انعكاسات سلبية على مسيرة التجربة الديمقراطية وتحويل ذلك غطاء زائفاً ومكشوفاً كما حدث في العراق في عهد الغزو الأمريكي لهذا البلد الشقيق والذي سعى من ورائه الاحتلال إلى تحقيق مصالح اقتصادية ونفطية. فعالمنا العربي والإسلامي يواجه في الوقت الراهن تحديات خطيرة وصعوبات وأزمات محدقة بالاقتصاد والتنمية والغذاء العالمي والاسعار وفي مقدمة هذه الأزمات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية التي عكست ثقلها على البلدان الفقيرة والنامية ومخلفات مشروع الشرق الأوسط الجديد أو الكبير في عهد الإدارة الأمريكية السابقة، إضافة إلى وصم العرب والمسلمين بالإرهاب بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر1002م ومارافق ذلك من رؤى وسيناريوهات أمريكية للتغيير الجذري للأنظمة العربية والإسلامية وتغيير المناهج الدراسية التربوية والدينية وحذف ما يسيئ كما يزعمون للكيان الصهيوني ويحقق أمنه واستقراره الاقليمي وتلت هذه المسرحية ماتعرض له العراق الشقيق في مارس 3002م من غزو أمريكي بريطاني تحت مسمات تحقيق الأمن والديمقراطية لتتحول العراق إلى ساحة للطائفية والفتنة والنصب والابتزاز والفوضى الخلاقة إلا أن صمود المقاومة العراقية شكل منعطفاً هاماً في الحرب الدائرة هناك. وعلى مستوى عالمنا العربي والإسلامي تظل الحاجة ماسة إلى الوحدة والحوار والتقاط مخاطر المرحلة الراهنة والتغيير الجذري لنظامنا العربي والإسلامي بما من شأنه المقومات الأساسية للوحدة العربية الشاملة وجعل الوحدة اليمنية أنموذجاً حياً لاستشراف معطياتها ومنعطفاتها على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والبرلماني والثقافي والشوروي وما تلا ذلك من انجازات سياسية تمثلت في التعددية السياسية وحرية الرأي والصحافة وبناء مقومات التجربة الديمقراطية وما تحقق على مدى العشرين عاماً الماضية من تحولات عظيمة ونهضة اقتصادية لكافة هياكل فروع الاقتصاد الوطني وإنشاء الحكم المحلي وبهذا حققت اليمن قفزة نوعية على كافة الأصعدة، التعليم والاقتصاد والتنمية والخدمات الاجتماعية وهي باتجاه تحقيق خطوات مثلى في سبيل توسيع الحكم المحلي وتطوير التعليم المهني والجامعي والارتقاء بدور الإعلام والصحافة وجعل الحوار المسئول هدفاً رئيساً لرأب الصدع وإنهاء الخلافات والتباينات بين السلطة والمعارضة.