بدأت أولى بشائر أو نذر هذه الحرب بين الولاياتالمتحدةوالصين؛ فالأولى طالبت الثانية برفع قيمة عملتها اليوان بما يمكن من تحجيم صادرات الصين إلى الولاياتالمتحدة أولاً, والاتحاد الأوروبي ثانياً.. وقد كان الاتهام الأمريكي للصين هو أنها تجعل عملتها بنفس القيمة التي كانت قبل أن تكتسح المنتجات الصينية الأسواق الأمريكية، ويقبل عليها أبناء العم سام لرخصها وجودتها, وهنا لا نجد في أسواقنا من تلك السلع ما يتمتع بأي قدر من الجودة. ويقال - والعهدة على الراوي - إن التجار اليمنيين الذين حازوا على وكالات تجارية من المصانع الصينية, وقدمتها لهم حكومة تلك البلاد عن طريق وزارة التجارة والغرف التجارية هم الذين يطلبون من المصنعين الصينيين أن تكون السلع المصدّرة إلى اليمن أقل جودة وأرخص سعراً, فيقومون - أي التجار اليمنيون - ببيعها بنفس السعر الذي تباع به في أمريكا.. وقد شهدت السنوات العشرون الماضية نشاطاً مكثفاً لسفر التجار اليمنيين القدامى والمستجدين إلى الصين لإبرام صفقات وشراء سلع بصورة مباشرة من المصانع الصينية ومن الأسواق بكميات هائلة والعودة بها إلى اليمن وبيعها بأسعار لا نقول بأنها مرتفعة جداً ولكنها أكثر بكثير مما يستحقه إن لم يكن بعضها لا يستحق ثمناً ولا يصدق أحد في أي بلد آخر أنها دخلت البلاد بهذه الضخامة بحيث أغرقت الأسواق والبيوت دون علم السلطات المعنية في الجمارك والمنافذ وجمعية حماية المستهلك ومكاتب الجودة والمقاييس الرسمية في المحافظات وفروع وزارة التجارة والصناعة. حرب العملات لا تهدأ إلا لبضعة أيام يطلع علينا مسؤول أمريكي أو أوروبي يطلب من الصين العمل بجد على خفض قيمة عملتها والحد من انتهاكات الشركات الصينية للملكية الفكرية، والتي أضرت بصورة السلع والمنتجات الأمريكية المعروفة بجودتها منذ القدم ومثلها السلع الأوروبية واليابانية. فالأمريكيون يقولون إنهم تكبدوا خسائر بمئات المليارات نتيجة عزوف بعض المستهلكين عن السلع التي تنتجها مصانعهم وتفضل السلع المقلّدة القادمة من الصين عليها لرخصها وكثرتها وهي لا تحصى, وكان الضرر مزدوجاً مادياً ومعنوياً، ولم يجدوا طريقة للحد من تدفقها على أسواقهم إلا مناشدة السلطات الصينية رفع قيمة اليوان على الأقل؛ نظراً لاستمرار الإقبال عليها في الأسواق الأمريكية، رغم التحذيرات من خطرها على الاقتصاد والصناعة الأمريكية وعلى صحة المستهلك ونظافة البيئة.. فماذا سنفعل نحن اليمنيين كوننا - ربما وأقول ربما تحاشياً لأي اتهام بالتحيز ضد السلع الصينية - أكثر عباد الله استيراداً واستهلاكاً للسلع الصينية الصناعية والزراعية ومولدات الكهرباء الصغيرة وأجهزة التبريد والتكييف والغسالات..