لا يختلف عاقلان على أن السلطة هي السلطة والحاكم هو الحاكم, فاليوم الرئيس هو فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح - حفظه الله - والحزب الحاكم هو المؤتمر الشعبي العام, وغداً إذا جرت الأمور وفق مبادىء التعددية السياسية والتبادل السلمي للسلطة, وعبر صندوق الاقتراع، ليس مستبعداً أن ينتخب الشعب رئيساً جديداً ينتمي لأحزاب “المشترك” – على سبيل المثال - وسيصبح “المشترك” بأحزابه الفاعلة والخاملة - هو الحزب الحاكم, سواء امتلك برنامجاً سياسياً موحداً, ورؤى اقتصادية وتنموية موحدة أم لم يمتلك, إلا أن الأهم والمهم, في نظر الناخبين, هو ألا يفرض عليهم ديمقراطية الانتخابات بالفوضى الهدامة والغوغائية الصَّدامة. والسلطة ونظام الحكم هما بنيان أو لنقل بيت له مداميك بلغة العصر, أو أعمدة وأوتاد بلغة الأولين يديرهما عقلاء وشخصيات تاريخية كارازمية يكونون بمثابة سُراة القوم - أي رؤساء - أرجحهم عقلاً وأصوبهم رأياً وأجدرهم كفاءة, وهذا ما يتوخاه الشعب في رؤسائه وحكامه, كما قال الشاعر “الأفوه الأسدي”: لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم ولا سراة إذا جهالهم سادوا والبيت لا يبتنى إلا على عمد ولا عماد إذا لم ترس أوتاد تهدي الأمور بأهل الرأي ما صلحت فإن تولت فبالأشرار تنقاد وما جرى في “تونس” بالأمس القريب, ويجرى في “مصر” اليوم, حتماً لن يجري في اليمن, لأنه يمن الإيمان والحكمة, وأهله أرق قلوباً وألين أفئدة, كما وصفهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. فاليمن ليست تونس ولا مصر, وإن ابتليت بقوى معارضة تتنازع بعض قادتها, وللأسف الشديد, بين الحين والآخر هواجس وأهواء تسيطر عليهم فيتصلبون في مواقفهم ويتعنتون في آرائهم, في أصعب الأوقات وأحلكها حين يكون الشعب والوطن في أمس الحاجة إلى رحابة صدورهم وضبط أعصابهم, والاستجابة لنداء العقل والمنطق. بالأمس القريب, وتحديداً منذ العام 2006, بدأ “المشترك” في طرح مطالب على السلطة والحزب الحاكم, وهذا من حق أحزابه بوصفها الوجه الثاني لسلطة الشعب, فاستجابت لها السلطة عبر حوارات متقطعة اتخذت أسلوب “الكر والفر” ثم ازدادت هذه المطالب ووصلت إلى حد تأجيل الانتخابات البرلمانية في العام 2009, فاستجابت لها السلطة وتنازل لها بذلك الحزب الحاكم على الرغم من أنه حزب الأغلبية في البرلمان, ولم تتوقف من حينها مطالب تلك القوى المعارضة, بل انفتحت شهيتها, فطالبت بلجنة انتخابات من القضاة, وبرفض التعديلات الدستورية التي وافقت عليها من ذي قبل, وطالبت بفرض القائمة النسبية, كما طالبت بتشكيل حكومة وحدة وطنية, وتشكيل لجنة حوار وطني بالتساوي مع الحزب الحاكم, وأخيراً لمحت إلى تأجيل الانتخابات البرلمانية المقرر عقدها بعد ثلاثة أشهر من الآن, إلى جانب المطالبة بالإصلاحات, وتجفيف منابع الفساد, وتقليص البطالة, والمطالب الأخيرة لم يختلف عليها أحد إذ أنها المطالب الرئيسية للمواطنين أحزاباً وجماعات وأفراداً. وعلى الرغم من استجابة القيادة السياسية ممثلة بفخامة الأخ الرئيس لجميع مطالب هذه القوى وتقديم كل التنازلات بما فيها تأجيل الاستحقاق الوطني الذي هو حق للشعب وليس للسلطة أو الحزب الحاكم أو المشترك أو الأحزاب المعارضة الأخرى, إلا أن السلطة استجابت لذلك المطلب من أجل المصلحة العليا للوطن والمتمثلة في الأمن والاستقرار والسكينة الاجتماعية. وزاد الأخ الرئيس على كل ذلك بأن طمأن تلك القوى ومن تحت قبة البرلمان والشورى يوم أمس الأربعاء بأن: لا تمديد لرئاسته, ولا توريث لكرسيه, ولا تصفير للعداد, مؤكداً أن هذا غير وارد في برنامجه الانتخابي, نقول على الرغم من كل هذا وذاك لا تزال تلك القوى متصلبة في موقفها الداعي إلى تنظيم المهرجانات والاحتجاجات التي تفتح شهية الغوغائية والفوضوية, والتي “إذا هبّت من مرقدها, فمن الصعب على العقلاء السيطرة عليها”. فإذا كانت حجة بيان “المشترك” الذي دعا فيه أعضاءه وأنصاره إلى احتجاجات اليوم الخميس, قائمة على تحقيق كامل الأهداف المشروعة التي يقول إنه يطالب بها, فإن الأخ الرئيس والقيادة السياسية والسلطة التشريعية والتنفيذية قد استجابوا لكل تلك الأهداف والمطالب, فأي حجة أخرى, وأي هدف مشروع أو غير مشروع لم يستجب له حتى يصرون على الدفع بالمواطنين إلى جحيم الفوضى والشغب والدمار وإراقة دماء الأبرياء؟!!. أليس هذا ترهيباً للمواطن وتدميراً للوطن, أين عقلاء “المشترك”, وأين سراتهم, إذ «لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم» كما قال الأفوه الأسدي؟!. قال الشاعر: أرى خلل الرماد وميض جمر فيوشك أن يكون لها ضِرام فإن النار بالعودين تُذكى وإن الحرب أولها كلام فإن لم تطفئوها تجن حربا مشمرة يشيب لها الغلام [email protected]