عندما أتفكّر في موسيقى الخليل ابن أحمد الفراهيدي أسرح بعيداً مع الشاعر الايطالي العتيد «دانتي اليغييري» الذي جمع شتات اللهجات اللاتينية ليموْضع الايطالية المعاصرة في أساس القانون الرياضي الجبري لعلاقة الحركة بالسكون، فإذا بالإيطالية لغة موسيقية بطبيعتها حتى وهي خارج دائرة الشعر المقولب بموسيقى الظاهر . ذلك حديث طويل، لكن مايهمنا في هذه العجالة الاشارة إلىأن الشاعر الايطالي “ ايتالوليفانتينو” المُستعرب حد الاحتياط من صقلية، والمعروف أن صقلية التاريخية مازالت تعيد انتاج وهج التلاقح العبقري بين اللاتينية التاريخية والعربية، مما يمكن ملاحظته بسرعة فائقة في اللهجات الايطالية الصقلية، وبصورة أكبر في لغة أهل مالطا المُحايثين لها. لكن الأهم من هذا وذاك أن هذا التلاقح يتمظْهر شكلاً في الأحرف اللاتينية،وفي تأكيد آخر على مركزية الصوتيات في اللغات الانسانية، وتبعية الهيئة الكتابية « التشكيلية » لتلك الصوتيات . الشاعر ايتالوليفانتينو المولود من أبوين صقليين تجول في مرابع العالم العربي، وجاور الشام والعراق ومصر والمغرب الكبير، وشبه الجزيرة العربية،ففاض استعرابه باحتياطات وارفة دونها لغته العربية المبرمجة وفق النواميس الدلالية للعربية الموروثة من تاريخنا الخاص. تشارك في هذه اللطيفة الشعرية التشكيلية اسماء ثلاثة يتماهون حصراً في الغنائية الشعرية والبصرية، وسنرى أن الفنان احمد معلا ساهم في دوْزنةْ النص الشعري من خلال حروفياته المنسابة في فضاءات التجريدات..المموْسقة بقوة دفعها الخاص. وبهذا اكتمل أركان الفعل الابداعي، حيث يتشعْرن المنثور عربياً عبر ترجمة الفنان طلال معلا، ويتنامى النص بصرياً عبر تشكيل الفنان احمد معلا، ويتركّز الإبداع الشعري في قلب المعادلة من خلال نصوص الشاعر ايتالوليفانتينو، ليصبح التناص الابداعي بمثابة فصوص لنصوص تماهت فأصبحت نصاً واحداً.