منذ الوهلة الأولى قد يبدو الموضوع مألوفاً, فهذه الجملة كثيراً ما تتكرر على المسامع والألسن, ولكنها هذه المرة يجب أن تترجم إلى أقوال وأفعال على أرض الواقع، والأمر الذي نسعى إليه ونحث عليه الآن هو تكاتف الجهود الشبابية حتى تُثمر جهودنا خيراً وفيراً للوطن والشعب، فبدلاً من أن نشير بأصابع المسؤولية إلى آخرين دوناً عنا لابد أن نكون جميعاً في الواجهة, فنحن كشباب مسؤولون عن مستقبل جيل بأكمله, ولذا لابد أيضاً أن نقف معاً من أجل يمن بلا قات. ولدي قناعه كبيرة بأن هناك مشاكل ستختزل وأخرى ستختفي بعد أن توّحد الجهود فتثمر وطناً بلا قات, وطناً يعم أرجاءه الخير والسلام, ودون نظر منا إلى الماضي سنرى المستقبل بعيداً عن هذه الشجرة الخبيثة التي تستنزف أموالنا وثرواتنا وطاقات شبابنا. ففي هذا الصدد أجازت لجنة الشؤون الدستورية والقانونية في مجلس النواب نظر المجلس في “مشروع قانون معالجة أضرار القات بالتدرج والتعويض” ويهدف المشروع إلى توحيد الجهود الرسمية والشعبية للتخفيف من تعاطي القات، وتقديم التعويضات المالية والفنية لمزارعيه لكي يتخلَّصوا من زراعته، وتأمين البدائل الاقتصادية والمدخلات الزراعية للأصناف النباتية البديلة، وتقديم الرعاية والعون الاجتماعي للمصابين بالأمراض النفسية والصحية الناتجة عن تعاطي القات. وفرضَ مشروع القانون عقوبات على الجهات والهيئات التي تقوم باستيراد القات أو شتلاته أو مدخلاته الزراعية، وذلك بمصادرة الكمية المستوردة وإتلافها مع غرامة تساوي 50 في المائة من إجمالي قيمة الكمية المصادرة، وفي حالة التكرار تضاعف العقوبة، وكذا مصادرة أي كمية من القات تدخل البلاد بصورة غير قانونية، ويعاقب مشروع القانون الأفراد والجهات المخالفة لنصوصه في ما يخص تعاطي القات في الأماكن الرسمية بعقوبة لا تقل عن (100) ألف ريال، كما يعاقب التاجر الذي يبيع القات دون رخصة بمصادرة الكمية كاملة وغرامة. ومن رؤية واقعية ومُلمة بالأسباب والنتائج نرى أن هذا المشروع الراقي ينظر إلى جميع الأطراف (المنتج والمستهلك) بواقعية ثاقبة ويستحق منا العناء لفرضه على أرض الواقع. لا ننكر أن هناك الكثير من الجهود التي تُبذل من جهة المواطنين ومن الجهات المعنية, ولكن ما نحتاجه هو التكاتف معاً حتى تُثمر جهودنا، فقبل أيام تم الإعلان عن أكبر مؤسسة مجتمع مدني لمكافحة شجرة القات التي تمثل أكبر مستنزف لثروات وإمكانات اليمنيين تضم عدداً كبيراً من الأكاديميين والسياسيين ورجال الأعمال والأطباء والمثقفين والإعلاميين ورجال دين وقيادات سياسية وأعضاء في البرلمان, وتعمل على مكافحة القات والتوعية بأضراره، وهذه بحد ذاتها خطوة نحو الهدف المنشود، كما انطلقت أيضاً حملة شبابية لمكافحة القات على صفحات الموقع الاجتماعي ال(فيس بوك) بتنظيم مجموعة من الصحافيين والناشطين تحت عنوان (Qat get out). وتعد هذه الخطوة الجادة والفعلية هي الأخرى نحو تحقيق الهدف المنشود، ويظل الأمر مرهوناً بالضمير الحي والفكر الواعي لشبابنا الذي لا شك ستحثه الرؤية العامة للاقتصاد والوضع الاجتماعي المتدهور والمتفاقم بسبب تعاطيه القات. وكملاحظة تستوجب الاستيعاب والفهم والتمثيل على أرض الواقع, ينبغي على كافة الشرائح أن لا تتعاطى مع هذه الخطوات الجادة كعمل دعائي عابر أو مجرد ثرثرات, وإنما تتعامل معها بمسؤولية وبضمير حي، ولنكن على ثقة أن التقوقع الثقافي وضيق الأفق وحصر الشباب في دائرة ضيقة من الاهتمامات وقصور تطلعاته ونظراته نحو الأشياء هي نتاج لتعاطيه القات. ولنسع جميعاً إلى كسر قيود الموقف المتكرر يومياً, والذي يفرض على المتعاطي أن يعيش دورة مغلقة في دفتر يومياته تبدأ بالاستعداد لشراء القات ومروراً بتعاطيه وانتهاءً بالتأثر به وقضاء وقت طويل في مضغه, فيتعطل العقل ويدخل في عالم متباين ومتناقض بين واقعه الذي يعيشه وبين ما يشعر به، فيجد “المولعي” نفسه في مجلس القات وكأن على رأسه الطير, ثم تأتي بعد لحظة إخراج (لفظ) القات لحظة الهبوط على سطح الأرض من جديد, وهذا يعتبر أكبر موجّه يبتعد به الإنسان عن واقعه تماماً فلا يستطيع أن يتحكم باتخاذ قراراته وإصدار الأحكام المتزنة والملائمة لمشاكل الواقع الحقيقي المعاش، فبعد هذا كله لماذا لا نعده ضمن أولويات مشاكلنا المؤرقة ونسعى إلى اجتثاثه من جذوره؟!. أتمنى أن يأتي اليوم الذي أجد فيه اليمن بلا قات, وسنجده بإذن الله بفضل تكاتف جهودنا من أجل يمن بلا قات.