مبدأ الشمولية والعموم مبدأ أساسي اجتماعي، ديني يصلح للتطبيق الحرفي وفق نوع القالب أو المبدأ الذي يصبح أداة فاعلة لتطبيقه،لكن هذا المبدأ لايصلح للتطبيق حين يكون الغرض من تطبيقه إحداث فوضى ظاهرة لاتنطوي على أسباب جذرية خارجة عن سطح السيطرة الفعلية. الأحداث الأخيرة التي مرّت بها المنطقة العربية مهما كانت ومهما بدت ضرورية إلا أنها تصلح لمجتمع ولاتصلح لمجتمع آخر تواؤماً أو تنافياً مع بيئات محلية وثقافات اجتماعية وسياسات شكلية وتوعية مختلفة ضمن إطار المجتمع الواحد، في مجتمعنا اليمني هوة كبيرة جداً بين منظومة القيم المثلى وثقافة العُرف السائدة والتي تغذي أفكار الناس وتنمي أطروحاتهم في الحياة أكثر مما تفعله تلك المنظومة العظيمة التي يمكن أن تعيد تشكيل الأفراد والجماعات والشعوب بالشكل الصحيح فقط إذا أمكن له أن يرى الكون واقفاً على ضفة معتقد ما، الثورات الحقيقية هى تلك التي لاتستخدم الدماء وقوداً لها بل أنها تعتمد على الرغبة في الثبات على ذلك المبدأ مهما كلف الثمن، وشعبنا اليمني للأسف الشديد من المجتمعات التي يصعب عليها أن تجتمع على مائدة واحدة سواء كانت مائدة حوار أم ثورة أم حتى مائدة ثريد دسمة لشيخ مشحون بالقبيلة!! الآراء المختلفة والأفكار المتعددة والاتجاهات المتفاوتة طولاً وعرضاً لايمكن أن تؤدي إلى حدوث قاعدة عملية واحدة قابلة للتطبيق لكنها بالتأكيد ستؤدي إلى تعميق الإحساس النائم والمتخاذل والمتواكل لدى الناس لأنها تصرفهم بقوة كبيرة جداً إلى الالتفات المباشر للمتغيرات السطحية التي لاتسمن ولاتغني من جوع، ومتى كانت الصفوف مبعثرة وسياسة التلاسن قائمة والاعتماد على الجذور القبلية موجود ويخدم مصالحه فقط دون الالتفات للمصلحة العامة فإن تلك التجمعات والاعتصامات والثورات غير المنطقية التي يقوم بها البعض تصبح مجرد تجمعات بشرية صغيرة غير مهدفة وغير منظمة وقد تستطيع تشبيهها بتجمعات الشباب الراقصة في حارة عتيقة من حارات تعز مثلاً! والسبب بسيط وواضح وهو أن من يقوم بتلك التجمعات هم من طلبة المدارس الإعدادية وبعض الذين دعت عليهم أمهاتهم بالضياع! الشعارات خافقة باليأس عكس تلك التي تنضح بالأمل، والهتافات حبيسة التشاؤم غير تلك التي تنوء بالقوة والتفاؤل والكبرياء. الشعب اليمني بحاجة إلى إعادة تأهيل ليكون شعباً مؤمناً بقدراته وليس من السهل فعل ذلك في ظروف مفروضة عالمياً، إذا أردنا أن نثور فيجب أن نثور لنصلح أنفسنا أولاً لأننا في هذا المجتمع تحديداً ينبع الفساد منا وفينا مع العلم أن هذا المجتمع الذي نحن أفراد فيه مجتمع انقيادي لأبعد الحدود لكنه فقط بحاجة إلى توجيه وغربلة للأولويات وتنقيح لمفاهيم التواجد والسمو. وكمعلومة صحية فإن صحة رجل مصري واحد تساوي تقريباً صحة ستة رجال يمنيين أشداء لأن الشعب المصري يرى الصحة في المقام الأول بعد رضا الزوجة بعكس الإنسان اليمني الذي تتقهقر صحته إلى الخلف كل يوم دون أن يأبه لذلك ومن آخر اهتماماته رضا زوجته ومادام القات موجوداً في مجتمعنا فلا داعي للتخطيط لأي شيء بالمناسبة كنت أتحدث إلى زميلة الأسبوع الماضي وكانت قلقة حول عودتها إلى المنزل ظهراً أثناء المظاهرة فطمأنتها أن الجميع سينصرف إلى سوق القات عند الحادية عشرة ولن يبقى متظاهر واحد في شوارع تعز في هذا التوقيت، وإن حدث واستمرت المظاهرة فإن شائعة واحدة حول “ بوار القات” قد تفرق المتظاهرين تماماً ليعود كل إلى مكانه!!