لا أخفيكم أني مع قوى التحديث والعصرنة، قوى الغد والمستقبل, والنهضة والنهوض والاستنهاض, قوى التعلم والتعليم والتثقيف والتنوير والمعاصرة, ولا أخفيكم أني اشعر بالحساسية والتحسس والتوجس والخوف من القوى الرجعية والمشيخية التي تركب الموجة وتنادي بالحرية والتحرر ولكنها تمارس كل أساليب القمع والاضطهاد والاستبداد, وتمارس السلوك الاستحواذي والانتهازي ,تلك القوى التي تضللنا وتخدعنا وتدلس علينا, تخاطب عواطف البسطاء مستغلة تراكم الأخطاء وتحولها إلى خطايا, كل عاقل وصاحب ضمير حي, كل محب لنفسه ووطنه وراغب بالحياة الهانئة والهادئة والمستقرة, كل متطلع وراغب في الكرامة والحرية والعيش الهادىء كل أولئك مع التغيير والتحديث لكن بعض الراكبين للموجة من الطامحين للسياسة همّهم الأول هو المكاسب الشخصية والشخصية فقط..إن من يدعو إلى التغيير في كل البلد نشكره ونحييه ولكننا نهمس في أذنه: لماذا لا تبدأ بقريتك وقبيلتك وعشيرتك ومنطقتك ودائرتك؟ ماذا عملت في النطاق الجغرافي الموالي لك ؟ كم مدرسة عمرت ؟كم أمياً ساهمت في محو أميته؟ كم عاطلاً وظفت كم طريقاً رصفت ؟ كم ...وكم وكم؟ وبالمقابل كم ربحت كم جنيت كم كانت تلك الدولة الرخوة مفيدة لك ولولاها لما كنت على هذا الحال؟! أليس كذلك؟ عندما نسمع قاطع الطريق يتحدث عن الرحمة والرأفة والسلام والأمن الاجتماعي بماذا نشعر؟ عندما نسمع اللصوص والسرق والمرتشين والهبّارين والناهبين لأقواتنا ومصاصي دمائنا عندما نسمعهم يتحدثون عن النزاهة والشفافية ومكافحة الفساد بماذا نشعر ؟!! عندما يتبجج الفوضويون بالحديث عن النظام والالتزام والارتقاء والتنمية والنمو ماذا ينتابنا؟ أشعر بالضيق والألم والرغبة بالبكاء.. أشعر بالخوف والحزن والاكتئاب.. أشعر بالرغبة في التقيؤ من شدة الغثيان . متفقون حول النقاش والحوار والجدل حول الديمقراطية ولكننا نقفز ونحرق المراحل ، ننتقل إلى ديمقراطية الصندوق ولم نمر بالديمقراطية الاجتماعية ، وحرية الرأي والتفكير والكتابة.. لا نعلم أن الديمقراطية السياسية تسبقها الديمقراطية الاجتماعية والفكرية وحرية التعبير وهي، أي ديمقراطية الصندوق الانتخابي نتاج لوعي وتراكم فكري وثقافي وعلمي ومعرفة ومدنية وحرية وبناء اجتماعي دائم التغيّر للأفضل والأحسن . رائع وممتاز وجميل أن نتحدث عن الانتخابات والأروع والأجمل أن نتحدث عن التأمين الصحي ومصدر الدخل الآمن والتعليم وجودته ونوعيته، جميل أن نتحدث عن الصندوق والإقتراع والأجمل أن نكون على وعي بالحرية والحرية الشخصية وطرق وأساليب ومتطلبات تشكل الرأي العام والاتجاهات الثقافية والاجتماعية وعدم الاحتياج جميل أن نعبّر ونتحدث ونتظاهر ونقول ونفعل ما نريد والأجمل أن نعرف لماذا وكيف ومتى وأين نتظاهر وما النتائج المرجوة؟ جميل أن يكون لنا وجهات نظر ورؤى وتصورات وقناعات والأجمل عدم الانسياق والسير إلى الهاوية ولا نعرف ماذا نريد وكيف نطالب بما نريد .. جميل النقاش والحوار والجدل ولكن أي جدل وأي حوار وأي نقاش هو ذلك المرجو؟ معيب أن نصل إلى الحكم على الجثث والجماجم وأنهار الدماء ومعيب أكثر أن ندعو لتثوير الشارع لكي ننكص على أعقابنا ونعود إلى أحضان الرجعية والانتهازية والعصور الغابرة، عصر السادة والعبيد والأخدام والقبائل والمزاينة وأولاد الذوات وابن فلان وابن فلانة وابن الشيخ والشيخة . معيب أن تكون شعاراتنا ثورية وتثويرية وتكون سلوكياتنا وقناعاتنا وأيدلوجياتنا متخلفة ورجعية ومهترئة وانتهازية ومرحلية... جميل الإنعتاق والأجمل منه الإنعتاق المفضي للحياة الكريمة والعيش الرغيد. جميل أن يكون هنالك قيادات معارضة تحرك الشارع للمطالبة بالحقوق ولكن ليس أخلاقياً أن تكون أهداف بعض القيادات براجماتية وانتهازية وتنطلق من :( سنحارب حتى آخر فقير ومستضعف وعاطل ومحتاج ) وسنجني نحن الثمار. جميل أن يكون هنالك لجان للحوار السياسي والديمقراطي والأجمل والأوجب أن يكون همهم هو التقدم والارتقاء والاستقرار والحياة الهانئة والكريمة (ليس لهم ولعائلاتهم وأسرهم وأقربائهم ولكن لكل الناس كل الناس ) وقفات - إني أخاف من الانفلات الأمني الذي سيؤدي إليه الطموح السياسي لبعض الأشخاص الذين يتابعون عوائدهم بمعدل اليوم ولا نبالغ إذا قلنا: الساعة - أخاف من أن تكون المظاهرات هدفها وصول البعض إلى كرسي السلطة فقط والشعب لا علاقة لنا به . - أخاف من التشظي وليس التشطير فقط، لأن لنا تاريخاً وثقافة وسلوكاً في هذا الجانب - أخاف أن تكون كل حياتنا أزمات فلا ننتهي من أزمة حتى ندخل في أخرى وتستمر الدوامة . - أخاف من عدم مراعاة الواقع . هذا الواقع الذي لا يبرر الفساد ولا الاستبداد . ولكنه واقع الفقر والفقير محتاج ، واقع العناد والفساد أصبحت ثقافة، واقع الشيخ والرعوي والسجون والعكفة والدجاجة الحابلة أو الديك الحابل .. الشيخ المكرفت والذي ارتقى بعضهم وحصل على شهادات عليا ولكنهم ظلوا بعقليتهم المتخلفة والرجعية والغطرسة وارتقوا إلى درجة (الشختور) . - أخاف من استمرار المطالب بلا توقف ولا استقرار لأنه لا إرادة ولا فهم ولا رغبة ولكن نريد كرسي الحكم ذاته - أخاف من عدم فهم الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية ... التي تنعكس على واقع متردٍ للتعليم والاقتصاد والسياسة والتريف والتصحر الذهني. - أخاف من اللا منطق وتمنطق الجميع لكل أنواع الأسلحة في ظل دعوات غير رصينة لتثوير الشارع ولا أعرف ما الهدف من تثوير الشارع إن لم تكن الحياة الكريمة والمستقرة هي الهدف والغاية . - أخاف من التدمير والتخريب بمسمى التثوير والتغيير. - أخاف أن يقودنا بعض الانتهازيين إلى الندم على الأمس. - أخاف من الخوف ومن الفرح غير الأخلاقي وغير المنطقي والناتج عن سادية البعض ونرجسية البعض الآخر. - أخاف من أن نكون مقلدين فقط، مقلدين وليس لنا شخصية ولا هوية ولا منطلقات ولا مطالب محددة. - أخاف من عسكرة الحياة.. وتسييد العقل القبلي والرجعي والانسياق خلفه دون فهم ولا وعي. - أخاف من تجاوز بعض القيادات هنا وهناك للعقل والحكمة وتغليب المصلحة الشخصية على مصلحة الأمة والشعب والوطن. - أخاف من التعديلات الدستورية ورفضها وتجميدها وعدم معرفة الهدف السامي والحكمة من تلك التعديلات وجدواها للتنمية والاستقرار والتقدم والوحدة والارتقاء . - أخاف من زيف الشعارات وكذبها. - أخاف من الاستبداد والنهب والتغرير والتدليس . - أخاف من خداعنا والكذب علينا دوماً وعدم كشف المستور إلا في وقت متأخر . - كنت أخاف من التوريث ولكن فخامة الرئيس حسمها ب (لا للتوريث ) ونشكره لأنه رفض التوريث بصرامة واعتبرها اسطوانة مشروخة وأخاف أكثر أن تستمر هذه الاسطوانة المشروخة .. وإذا استمرت ما الذي يجب أن نقول ونعمل؟ كنت أخاف من التأبيد وتصفير العداد مثل كل الناس لكن الرئيس القائد قال :(في 2013م للشعب أن يختار من يريد). طيب الرئيس قال هذا وهو المعني وتعهد ورفع صوته و..و..و.. ماذا بعد ؟ لماذا إذن تثوير الشارع المأزوم أصلاً .. لماذا ؟ طيب ما هو الحل ما العلاج ما المخرج نحن شعب فقير .. ومسلح .. وقروي .. وكلنا موالعة واقتصادنا تعبان والفساد بلا حدود .. واقتصادنا اقتصاد مساعدات وقروض وهبات ولا داعي للمغالطة من هنا أو من هنالك : نحن شعب بحاجة إلى حلول .. إلى مخارج .. إلى الأمان والاستقرار.. - أخاف من الجوع والتجويع والفقر والإفقار واعتقاد أن المظاهرات بذاتها هي الحل، أي أخاف من اعتبار المظاهرات والمهرجانات غاية بحد ذاتها وليست أسلوباً ووسيلة توصلنا إلى الهدف السامي وهو الكرامة والاستقرار والأمن والأمان . - أخاف من تراكم الحقد والكراهية والاحتقان السياسي والاجتماعي والجغرافي / المناطقي الذي قد يؤدي بنا إلى عواقب وخيمة . - أخاف من أن نفقد الصبر والحكمة والإيمان وتكون النتيجة تمزق أبناء سبأ. أدعو الله واتمنى ان نمارس جميعاً شعور: وطني لو شغلت بالخلد عنه نازعتني إليه بالخلد نفسي - وأخاف أن أكون قد شطحت واحتار القارىء في سطوري, ولكني أصدقكم القول: ضميري ورغبتي في العيش الكريم وصدقي مع الذات هي التي صاغت سطوري وأرسلتني إليكم, والله أعلم والمستعان . (*) جامعة الحديدة