لم يكن يتصور أحد أن يصل اليمن إلى هذا الاحتقان السياسي في ظل ماشهده الوطن من عهد ديمقراطي ونظام تعددي وبناء مؤسسي على هدي من الدستور وقوانينه النافذه خاصة أن الاحتكام إلى الدستور والتزام الجميع بالخيار الديمقراطي المشهود له عالمياً بالمسار الصحيح والسليم من خلال ماشهده الوطن من تطور في العملية السياسية وتطور النظام الانتخابي من انتخابات برلمانية إلى رئاسية إلى انتخابات السلطة المحلية وبمشاركة اليمنيين دون استثناء وبمختلف ألوان الطيف السياسي. بيد أن ماحدث من احتقان سياسي تطور إلى صراع سياسي ومذهبي ومناطقي مثّل صدمة للجميع وطنياً وإقليمياً ودولياً خاصة أن الجميع يدرك ان اليمنيين اصحاب حكمة وصفهم الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: الإيمان يمان والحكمة يمانية, وأيضاً ماجاء في الاثر: “اذا كثرت الفتن فعليكم باليمن” وفعلاً مثّل اليمن الملاذ الآمن لأبناء الشعب وغيرهم. لكن ما يحز في النفس ويندى له الجبين تسارع الاحداث وتطورها من خلاف حزبي إلى اعتصام شبابي ذي مطالب مشروعة إلى تدخلات حزبية استغلالاً للموقف إلى مظاهرات وهتافات تسيء إلى الوطن وقائده وتهدد وحدتنا الوطنية, وتبث ثقافة الحقد والكراهية التي تمكّن شعبنا من دحرها ظهيرة الثلاثاء 22 من مايو 90م حين توحد الوطن أرضا وإنسانا ونهجا وكيانا. ومع تسارع الاحداث انقسم الشارع اليمني إلى مؤيد ومعارض للنظام بعد تخريب الاعتصامات ولم تفلح المبادرات تلو المبادرات ودعوات الحوار في ظل تعنت البعض وتربص البعض وحرص الوطنيين الشرفاء على الوطن ووحدته وأمنه واستقراره. صحيح أن الحوار هو المخرج من هذه الازمة بيد ان البعض وهم الرافضون للمبادرات والحوارات يعلنون أن باب الحوار قد اغلق مع ان باب الاجتهاد لم يغلق على مر العصور وأمام هذا الوضع أصبح الوطن على مفترق طرق, بيد أن معظم اليمنيين آلمهم ماوصل إليه الوطن من احتقان سياسي لكن مازالوا يتطلعون إلى انقشاع الغمة وتبدد السحابة السوداء الداكنة التي خيمت في سماء الوطن فتعالت اصواتهم تعانق عنان السماء تدعو الجميع إلى حل الخلاف والاستجابة لنداء الوطن الغالي ينادون: تعالوا إلى كلمة سواء من أجل الوطن ووحدته وأمنه واستقراره .. كلمة سواء توحد الصف لتتآلف القلوب وتصفو السرائر واستجابةً للنداء الرباني: “ولاتنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم”, صدق الله العظيم.