معرفة كُنه الحب أشبه ما يكون باللعبة المتبادلة بين المرآة والرائي، فالطبيعة بجملتها هي مرآة الحق وللناظر أن ينظر فيها ليكتشف بخياله وعينيه أبعاد تلك المرآة.. هنالك بعيداً عن الخيال التقليدي والكلمات العادية.. هنالك حيث يتخلَّى الإنسان عن منطق العقل باحثاً عن الدواخل والسرائر، ذاهباً في غوصه.. بعيداً بعيداً في مجاهيل لا حدود لها، ومقلِّباً نظراته ناسياً ذاته ومتخلياً عن غرائزه. يقول جلال الدين الرومي: كآدم وحواء يتوالد الحب في آلاف الأشكال، ويعتمر العالم بآياته.. تلك التي لا شكل لها ولا هيئة.. تلك التي لا شكل لها ولكنها بآلاف الأشكال. إن العالم مشدودٌ بهذه الحقيقة الكلية بتلك الطاقة الأزلية التي تجذبنا إلى مرابعها من خلال الأسباب والمسببات.. الحالات والتقلبات.. الإمكان والمستحيل. تلك الأقوال والمقامات.. الحيرة والتقلبات.. البوح والغموض.. الجهر والسكوت، كانت ديدن المتصوفة أمثال رابعة العدوية وحسين بن منصور الحلاج، وأبي يزيد البسطامي، والسهروردي المقتول، وفريد الدين العطار، والغزالي وآخرين كثيرين. إن كل فرد يحمل في دواخله طاقة الحب حتى إن هذه الطاقة تمثل القانون الأسمى للوجود. إنها الجاذبية التي تشد هذا لذاك، وتحمل في طياتها قيماً نبيلة، وتظهر حالة التماهي والتواشج بين الثنائيات، فالحب هو المعادل المطلق للثنائيات والتعدديات، إنه التعبير عن وحدة المخلوقات والوجود. [email protected]