لقد بات واضحاً من خلال الأحداث الأخيرة في الحياة السياسية اليمنية أن هناك قوى لم يعد تفكيرها إلا في الفتنة فقط, ولم تهتدِ إلى الصواب والمنطق, وليس في رأسها غير الانتقام من النظام السياسي القائم بأية وسيلة, وتحولت هذه الرغبة الشيطانية إلى غاية تسخر لها كل الوسائل الشيطانية, ورغم وضوح الحقيقة إلا أننا نجد أناساً للأسف مازالوا في حالة اللاوعي بما يدبر لأمن البلاد والعباد والوحدة الوطنية والأمن والاستقرار الكلي لشعب الحكمة والإيمان. إن الإصرار على الانتقام من الشعب والنظام لأشخاص لم يعد الشعب يقبله مطلقاً, لأن اليمن أكبر وأعظم من الكل, ولذلك ينبغي أن يحذر الجميع من أن هناك قوى سياسية شديدة المكر تستغل هذه الرغبات الفردية وتغذي الصراعات وتصب الزيت على النار ليزداد أوارها, لأن تلك القوى الكيدية ترى أن اشتعال الفتن وتنمية الأحقاد الشخصية وسيلة من وسائلها لتدمير وحدة البلاد والعباد, ولعل مثل تلك القوى تمتلك نفس القدر من الأحقاد الفردية المعلنة, وأن هذه الأحقاد قد أعمت الصواب, ولم تعد تفكر في وحدة الوطن وأمنه واستقراره ومستقبل البلاد والعباد, ورأت أن الفوضى المدمرة تحقق لها الرغبة في الانتقام وبث سموم الكراهية. إننا في ظرف نحتاج فيه إلى الحكمة والمنطق, ولعل من الحكمة والمنطق الالتزام المطلق بالحفاظ على الشرعية الدستورية, والسير بخطى حثيثة باتجاه رسم معالم المستقبل الجديد لليمن الجديد, والذي يتمثل في سرعة تشكيل اللجنة الدستورية من مجلسي الشورى والنواب والقوى السياسية الفاعلة لصياغة الدستور الجديد الذي سيضمن الانتقال إلى النظام البرلماني والحكم المحلي كامل الصلاحيات وإنشاء الأقاليم, ومن ثم البدء في عملية الاستفتاء على الدستور والاستعداد للانتخابات القادمة تنفيذاً لمبادرة الرئيس التي كسبت التأييد المطلق من الشعب وكانت استجابة كاملة لمطالب قوى المعارضة, وينبغي أن لاننشغل عن هذه المهام بالأوهام والإثارة, وينبغي أن نثبت للعالم بأننا بلاد الحضارة والانسانية وأن نضع مستقبلاً لأجيالنا مشرفاً ولاننجر إلى الفتنة التي يحاول البعض من خلالها تصفية الحسابات على حساب المستقبل .. فهل يدرك العقلاء هذه المهمة الوطنية ويسعى للتنفيذ في ظل الحفاظ على الشرعية الدستورية؟ نأمل ذلك بإذن الله.