أبرزت الأحداث الأخيرة التي مرت وتمر بها بلادنا والعديد من الدول العربية الشقيقة هذه الأيام وما رافقها من تداعيات ومتغيرات في النظام السياسي لبعض الدول مدى وأهمية الدور الذي يمكن أن يقوم به الشباب اليوم في محاربة ظاهرة الفساد المالي والإداري وتعرية واستئصال رموز وعناصر الفساد في مختلف أجهزة ومؤسسات الدولة . باعتبار هؤلاء الشباب يشكلون الشريحة الأكثر تضررا ومعاناة من مختلف مظاهر الفساد المالي والإداري في المجتمع والأكثر تأثرا بمتغيرات وتطورات العصر والأكثر اندفاعا وحماسا نحو إحداث التغيير والتطوير في المجتمع . بالإضافة إلى كونهم يشكلون النسبة الأكبر بين شرائح المجتمع الأخرى في العديد من الدول . إن شبابنا اليوم هم قادة ومشاعل التغيير والتطوير وصناع المستقبل المشرق للوطن . والرقم الصعب الذي لا يمكن تجاهله من قبل قيادات الدولة ومنظمات المجتمع ويفوق دورهم في التطوير والتنمية للوطن ومحاربة الفساد الدور الذي يمكن أن تقوم به الأحزاب والتنظيمات السياسية والمؤسسات الرسمية والخاصة ذات العلاقة بهذا الجانب في الدول والمجتمع , والتي عجزت معظمها منذ عصور عن تقديم حلول عملية وبرامج تطبيقية فعالة لمعالجة العديد من المشاكل والتحديات التي تعيق عملية التنمية الشاملة للوطن واستئصال عناصر ومظاهر الفساد المالي والإداري في مختلف أجهزة ومؤسسات الدولة والمجتمع . رغم ما تمتلكه هذه الأحزاب والمنظمات والمؤسسات من إمكانات وقدرات مادية وسياسية وتنظيمية . ولاشك أن هذا الدور الذي يمكن أن يلعبه شبابنا في مكافحة الفساد يحتاج إلى توافر مقومات او متطلبات ضرورية وهامة لتحقيقه بفاعلية وضمان نجاحه واستمراره , من ابرز هذه المقومات أو المتطلبات من وجهة نظري: - ضرورة امتلاك هؤلاء الشباب لقيم وروح الحب والولاء والانتماء للوطن وتغليب مصلحة الوطن وتقدمه ووحدته وأمنه واستقراره على أي مصالح أخرى ..- الإيمان والالتزام بالثوابت الوطنية وقواعد الممارسة الديمقراطية التي كفلها الدستور في مختلف الجوانب السياسية والتعبير عن آرائهم ومواقفهم بأسلوب حضاري يتناسب ويواكب تفكيرهم الراقي وثقافتهم الواسعة ووعيهم وإدراكهم بما يحقق الخير والتقدم والنماء لهذا الوطن المعطاء . وعدم الانجرار وراء أية دعوات وأفكار وبرامج تحيط بها شبهة او حقيقة الإضرار بهذا الوطن ووحدته وأمنه واستقراره مهما كان مصدرها أو من يقف ورائها . - الرؤية المتعمقة للأحداث والتجارب الأخرى المرتبطة بالتغيير ومحاربة الفساد والاستفادة من ايجابياتها وسلبياتها بعد دراسة دقيقة وتحليل واعي لهذه التجارب ونتائجها والإدراك التام بخصوصيات وظروف وسمات الواقع والمجتمع اليمني التي قد تختلف في العديد من الجوانب والمجتمعات الأخرى . - ضرورة امتلاك الشباب روح العزيمة والإصرار والحماس على محاربة الفساد في المجتمع مهما كان شكله ومظاهره ومصادره وتوحيد صفوفهم ورؤيتهم وتنسيق جهودهم للإسهام الفعال في تنمية الوطن في مختلف المجالات وتطهيره من كل أشكال الفساد والمفسدين والحفاظ على وحدته وأمنه واستقراره . ولتعزيز دور الشباب في مكافحة الفساد ينبغي على مختلف الجهات الراعية للشباب والهيئات الشبابية في بلادنا العمل على صناعة برنامج وطني يعمل على تدريب هؤلاء الشباب يضمن في طياته التعريف بماهية الفساد وإشكاله وكشف مواطنه وطرق رصد الفاسدين من خلال المحاضرات والنشاطات اللامنهجية والتي تستهدف طلبة المدارس الثانوية والمخيمات الصيفية وأيضا من خلال رفع قدرة الجامعات على تطوير مساقات متخصصة في موضوعات الفساد وإدراجها ضمن المساقات التدريسية ، إضافة إلى نشر الوعي المجتمعي ضد ظاهرة الفساد ضمن نهج وطني قادر على صناعة جنود أقوياء من الشباب يتصدون للفساد والمفسدين في مختلف مواقعهم بالتعاون مع هيئة مكافحة الفساد وسنخرج بالنهاية إلى كادر شبابي وطني قادر على الرصد المنهجي والتحليل الوافي لقضايا الفساد وكيفية مواجهة هذه القضايا بشكل يعزز دورهم في مواجهة الفساد مما يساهم بتطوير دورهم الريادي مستقبلا في خلق بيئة خالية من الفساد. وختاما أتمنى على شبابنا الطموح بتحقيق مستقبل أفضل لهذا الوطن وأبنائه أن يجعلوا الوطن ووحدته وأمنه واستقراره أكبر همهم ومصدر فخرهم وعزتهم والقاسم المشترك لتوحيد رؤيتهم وأهدافهم وجهودهم لتنميته وتطوير وحمايته والنهوض به في مختلف المجالات باعتبارهم حزب الوطن الكبير وقلبه النابض والمفعم بالحياة وحاضره ومستقبله المشرق بإذن الله . (*) أستاذ التسويق المساعد جامعة تعز [email protected]