يكاد شهر مارس ينتهي دون أن تهدينا السماء مطرة واحدة, والناس في الماضي كانوا يتفاءلون بأمطار مارس من أنها تبشر بسنة زراعية وافرة المحصول من الحبوب بأنواعها وأن أمطار مارس تعني أن “الجحر” الذي يستمر عدة أيام قد تصل في مجموعها إلى أسبوعين تنقطع فيها الأمطار وتشتد الحرارة باشتداد الشمس فتعتبر أفضل السنوات. ففي مثل تلك الأيام يضمر الزرع وتنخفض مياه الينابيع ويفكر الناس بإقامة صلاة الاستسقاء والدعاء إلى الله بإنزال الرحمة أي الأمطار, ولايعودون من أداء الصلاة والذبح إلا وتظهر السحب وتهطل الأمطار وتطمئن النفوس وتعم الفرحة الجميع وتعود المياه إلى مجاريها وتكتسي الوديان والسهول والجبال الخضرة التي تغطي كل شبر. الناس في الوقت الحاضر يتخوفون من أن تكون التحذيرات الصادرة عن منظمة الأغذية والزراعة الدولية بأن اليمن ستتعرض لجفاف يدوم خمسة وعشرين عاماً؛ قد بدأت بالفعل وإن كان الوقت للأمل مايزال في بدايته وأن الماضي كان يشهد مثل هذه التقلبات ويترك الأمر لله عز وجل في خلقه مع البشر والحيوانات التي لاتحيا بدون الماء. ومع تطور الرصد الجوي الذي يصدق في أخبار الطقس من حيث الرياح والأمطار ويحدد أوقاتها بدقة فقد أخذت الدول مختلفة تعتمد على تنبؤاتها وتعمل لها حساباً كأن تحذر السائقين من خطورة انخفاض أو انعدام الرؤية في الطرقات ماقد يؤدي إلى حوادث مرورية ومن تعرض كبار السن والمصابين بالربو وأمراض الصدر للخطر من استنشاقهم ذرات الرمال التي تغطي السماء وتحجب الرؤية في شهر يوليو من كل عام أو تحدث بدون توقيت أو مناسبة بصورة مفاجئة بسبب عدم استقرار المناخ واختلال الأوزون والانحباس الحراري. كلنا نترقب بخوف واضح ماقد يحدث لاسيما ونحن في اليمن نعتمد على الأمطار مائة في المئة, في الزراعة والشرب لعدم وجود أنهار ولقرب نضوب المياه الجوفية بسبب الحفر العشوائي والاستخدام الجائر للمياه في زراعة القات بدرجة أولى والخضروات والفواكه والأعلاف بدرجة ثانية ونسأل من الله أن يرحمنا ويسقينا الغيث المدرار إنه على مايشاء قدير.