بُحَّتْ أصواتُنا وجفَّتْ أقلامُنا من كثرة الدعوات والنداءات للسياسيين في بلادنا كي يتقوا الله في هذا الوطن ويلتقوا على كلمة سواء تُخرجنا من هذه الفتنة الخبيثة التي تمتدُ حبالُها ويشتعلُ أوارُها يوماً عن آخر ، إلاّ أن جميع هذه النداءات والدعوات تصطدم بآذانٍ من طينٍ وأخرى من عجين وكأنه لا حياة لمن ننادي . نعلم أن غالبيتهم لا يقرؤون إلاّ ما يحلو لهم ويتوافق مع طموحاتهم ، ومع ذلك لم نفقد الأمل وظللنا ندعو ونستنجد بأصحاب القلوب والضمائر الحية علّها تعيد إليهم رشدهم وتخفف من وطأة تشنجاتهم ، لكنهم يزدادون إصراراً على مواقفهم رغم التنازلات المتوالية والمبادرات التي لم يكونوا حتى يحلموا بها في السابق مجرد حلم وكأن على رؤوسهم الطير. تناسوا أن أمن اليمن من أمن المنطقة والإقليم بل والعالم لذلك فمسؤوليةُ الحفاظ ِعليه مسؤوليةٌ دوليةٌ ، ومع ذلك تراهم يرفعون من سقف مطالبهم ويجازفون بالوطن دون النظر إلى تلك الاعتبارات ، ولا أدري هل ذلك قصورٌ في الرؤية الجيوسياسية للبلد أم فجورٌ في الخصومة ومبالغةٌ في تصفية الحسابات حتى وإن ضاع الوطن برمته؟ هل يعلم هؤلاء أنهم طعنوا الديمقراطية في الصميم بتصلّبِ مواقفهم وتعنتهم ورفضهم جميع المبادرات ؟ وهل يدركون أيضاً أنهم يشرعون للفوضى والانقلابات بعد أن جاءتهم فرصة تاريخية للتغيير السلمي ؟ أم أنهم غير واثقين من أنفسهم وهو الأرجح لنيل ثقة الناخب والوصول إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع ؟ وهل يعلمون أن هناك من يتابع تناقضاتهم من خلال تصريحات الناطقين باسمهم عندما يقولون تارةً : إن الحل قد أصبح بأيدي الشباب وإنهم لا يستطيعون إقناعهم بالقبول بالمبادرات ، وتارةً أخرى يقولون : إنهم قادرون على إقناعهم مائة في المائة بالقبول بمبادرة الأشقاء في دول الخليج مهما كانت غير متوائمة مع مطالب الشباب؟ لماذا تحاولون تضييع هذه الفرصة التاريخية للتغير وتوأدونها في مهدها بعد أن قُدّمت للجميع على طبق من ذهب ونقضي على التوريث للأبد ونبني وطناً ديمقراطياً حراً قوياً متماسكاً ؟ أعتقد أن من يحرص على ترسيخ النظام والقانون والعدالة والمواطنة المتساوية لا يسكت على من يقطعون الطرق ويفتعلون الأزمات ويستدعون مُخلّفات الماضي المقيتة من مناطقية ومذهبية وغيرها . أيُّها السياسيون : رفقاً باليمن فما هكذا تورد الإبل وما هكذا يتحول الاختلافُ إلى خلافٍ أوصدتم بوجهه كل أبواب الحلول ، وفتحتم أبواب الفوضى والعنف والتخريب على مصراعيها دون النظر إلى العواقب الوخيمة التي يمكن أن تخلفها هذه الحماقات . اتقوا الله في هذا الوطن الذي ما يخرج من فتنة إلا وحُيكت له خيوطُ فتنة جديدة وأنتم تتفرجون عليه وعلى هذا الشعب المغلوب على أمره الذي أوكل إليكم دفة السير به نحو التقدم والرقي والازدهار . فمتى تتنازلون له كي يهنأ بحياة كريمة تخرجه من شبح الفقر والفاقة والعوز ؟ أيها السياسيون : رفقاً باليمن كي يرفق بكم أبناؤه والتاريخ في المستقبل لا أن يكون ناقماً على كل من تسبب في تمزيقه وتخريبه وتشتيت جهود أبنائه ومقدراته . [email protected]