هكذا الحقد يعمي البصيرة قبل البصر, ويحول دون كل فعل وقول باتجاه الوطن وأمنه واستقراره ووحدته, وينتقي من كل ذلك مايراه ضاراً بالقائل أو الفاعل, وهذه الانتقائية كيدية تندرج في إطار المكر الخبيث الذي تعود عليه البعض, بل وموجهة وأنانية لاتعرف القيم والأخلاق ولاصلة لها بآداب الحوار وأخلاقيات الإسلام عقيدة وشريعة بقدر ماتبرهن على معادن الخبثاء الذين تربوا على ذلك الخبث والمكر السياسي الذي يولد الشك والريبة في سلوكيات القائمين عليه. قد يستغرب القارئ الكريم لهذه المقدمة المشحونة بالنقد, ولكي يزول الاستغراب فإنني أوضح الحقيقة ففي إحدى المقابلات جلست مع المحاور وأخذ يسألني أسئلة كنت أتمنى أن يكون قد قرأ كثيراً عني قبل أن يستضيفني في ذلك الحوار وأخذت انطباعاً بأن المستضيف لم يقرأ شيئاً عن الضيف, وأثناء الحوار استخرج من بين أوراقه ورقة حشدت فيها كل المصطلحات التي جمعت من كل ماأكتبه عن التخريب والتمرد والإرهاب والأحزاب والشرعية الدستورية, وكتبت لمقدم البرنامج على أنها موضوع واحد ويستهدف كياناً سياسياً معيناً فقرأها علي مقدم البرنامج بحسن نية لأنني أعتقد أنه لم يطلع عليها وإنما أعدت له سلفاً من القائمين على ذلك البرنامج ولو اطلع هو شخصياً على المقالات التي أخذت منها تلك المصطلحات لما وجه ذلك السؤال ولكان موضوعياً وحيادياً بالقدر اللازم. إن الانتقائية والاجتزاء وتلفيق المعلومات وترقيعها لايعبر عن حسن النية ولايخلق ارتياحاً لدى الكافة, وهذا ماكنا نحذر منه منذ وقت مبكر, لأن هذا الأسلوب الكيدي لايخلق الرضا والقبول مطلقاً بقدر مايخلق النفور وعدم الثقة, والإصرار على الاعتقاد بأن من يسلكون ذلك السلوك المشين لايمكن أن يأمنهم الشعب على مستقبل الأجيال ويظل الموقف منهم نافراً وغير قابل لمنحهم الثقة. ولذلك فإن النصيحة التي ينبغي أن تصل إلى الكل بأن الاقتراب من الذين يحرصون على الوطن أكثر من رصهم على أنفسهم بقصد الأذية والإضرار أمر يشكل خطورة بالغة على مستقبل الأجيال وينبغي احترام القول والفعل الذي يهدف إلى حماية أمن واستقرار ووحدة الوطن, ومع ذلك كله مادمنا قد أخلصنا ضمائرنا لله ثم للوطن فإننا لانخشى أحداً إلا الله وحده.