قتل صاحبه الذي يثق فيه من أجل شيء لا يستحق وندم بعد الفعل، وزالت سكرة الغضب وعض على يديه من الندم :«يا الله ماذا فعلت، أين أذهب؟ لم أقصد قتله، فشعر كأنه في كابوس وليته كان كابوساً، ولكنه واقع مؤلم». وقد تحدث جريمة قتل خطأ.. صوب سلاحه الآلي نحو صاحبه وبلمسة بأصبعه تخرج رصاصة طائشة فيصبح صاحبه مضرجاً بدمائه فزع ولم يصدق نفسه أنه قتل، وقال : إنما أردت أن أمزح معه .. ! والسبب تصرف خاطئ ولهذا ورد النهي عن الإشارة بالسلاح: «لعله يرفع السلاح فينزع الشيطان في يده» أو كما ورد في الحديث. وأي شيء يحدث أو فعل وراءه أسباب ودوافع سواء كان خيراً أو شراً، فالنتائج لها أسباب، فالنجاح سببه الأهم الجد والاجتهاد والمثابرة والعزيمة والهمة العالية.. على قدر أهل العزم تأتي العزائم.. وفي الاتجاه المعاكس تأتي النتيجة البشعة والمخيفة والمحزنة للجريمة وراءها أسباب ومقدمات فإذا استطاع الشخص التغلب على تلك الأسباب فهو في طريق إيقاف الجريمة، فالغضب مثلاً مقدمة لجريمة القتل، قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، ولذلك أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم السائل : قال: «أوصني قال صلى الله عليه وسلم» لا تغضب، فردد مراراً قال «لا تغضب». وفي حديث آخر : «ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب».. - السبب الأول لكل جريمة هو «ضعف الإيمان» وكما ورد في الحديث «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن»..وفي لحظة تفكير يزين له الشيطان سوء عمله ولا يفكر بالنتائج، فإذا وقع الفأس في الرأس عند ذلك يكون الندم، ولكن هل ينفع الندم وكما قيل في المثل العربي «سبق السيف العذل» والعذل اللوم والعتاب، أي هل ينفع العتاب إذا حصل المكروه «الجريمة»؟ ندم البغاة ولات ساعة مندم.. والبغي مرتع مبتغيه وخيم.. والسؤال الذي يطرح نفسه هو:لماذا كثرت الجريمة عما كانت عليه قبل سنين قريبة؟ وما السر في انتشارها؟ هناك أسباب متشابكة ومتداخلة، لكن أهمها: الأسرة : التنشئة الأولى من الوالدين لها أبلغ الأثر في تهذيب سلوك الأبناء وينشأ ناشئ الفتيان فينا.. على ماكان عوده أبوه وكما ورد في الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم:«ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه». والفطرة هي الاتجاه نحو الخير والإيمان، فانظر مثلاً إلى مولود أبواه غير مسلمين فنشأ في أسرة مسلمة نشأة إيمانية في الغالب يتجه تربوياً إلى الفطرة والنشأة. ونجد في بعض مناطق اليمن تأجيج الثأر في نفسية الطفل والسبب المباشر «الأسرة». المجتمع: له دور في تغيير السلوك «مثل الصديق الصالح والصديق السوء كحامل المسك ونافخ الكير» وهنا يظهر تأثير الصاحب وكما قيل في الحكمة: الصاحب ساحب.. أي أن الصديق يدلك على الخير أو الشر. التربية والتعليم: نجد القيم والأخلاق تصدم بعوامل هدم، ولكي تؤتي العملية التعليمية ثمارها لابد من تضافر الوسائل الإعلامية والمجتمعية إلى الخير والبناء والفضيلة والإيمان وتغذية الروح بالحب والتسامح.. العلاج أولاً يبدأ من الأساس وهو الأسرة والتنشئة الإيمانية متمثلة بإقامة الصلاة: «إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر». وتقوية مراقبة الله وخشيته في السر والعلن والاتجاه نحو الخير: «فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى». «ونفس وماسواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها». وتزكية النفس بالطاعات والابتعاد عن المعاصي. وفي جانب المجتمع تقع مسئولية التوجيه والإرشاد والمنع عن ارتكاب الظلم، وكما ورد في الحديث: «أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، قلنا يارسول الله عرفنا كيف ننصر مظلوماً فكيف ننصره ظالماً؟ قال صلى الله عليه وسلم:أن تحجره عن الظلم فذلك نصره». وفي جانب القضاء لابد من إنصاف المظلوم وعدم التطويل مع وضوح الأدلة وخاصة قضايا القتل.. ولايمكن الإحاطة بالموضوع، وما وراء الجريمة يحتاج إلى دراسات تربوية واجتماعية ونفسية “ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين”، اللهم جنبنا الفتن والجرائم والمحن.