ليسمح لي القراء الكرام بتخصيص هذه الرسالة كجزء من بر البنت بوالدها، والبر بالوالدين قيمة إسلامية لا ينبغي أن تغيب عن أذهاننا حتى بعد وفاة الوالدين. والدي كان من كبار المناضلين والثوار في البيضاء، قبل الثورة قاوم الحكم الإمامي بالكلمة ، وبعد الثورة قاوم الفاسدين بالكلمة أيضاً، لذلك تعرض للسجن قبل الثورة بفعل الاستبداد الإمامي وبعد الثورة بفعل انعدام الديمقراطية وتحريم التعبير عن الرأي المخالف للسلطة قبل الوحدة اليمنية. والدي كان أول من نظم أناشيد الثورة وتغنت بها إذاعتا صنعاءوعدن عند انطلاق ثورتي سبتمبر وأكتوبر، ومن أشهر الأناشيد التي أذيعت له في الأيام الأولى لثورة سبتمبر من إذاعة صنعاء بصوت الفنان حمود زيد عيسى نشيد مطلعه : أخي المهاجر زمان الفرد قد ولىّ ودولتك نجمها بين الدول قد بان لا يحكم الشعب بعد اليوم من صلى لمستبدِ ببابه يطلب الغفران ونشيد آخر من إذاعة عدن عند انطلاق ثورة أكتوبر، بصوت الفنان( سعيد الشعوي) على ما أتذكر مطلعه: اسمعي أيتها الدنيا اسمعي صوت رشاشي وطلقة مدفعي أنا موجود هنا في موقعي أتحدى كل خصم مدّعي كان والدي رحمه الله يشعر بالحزن أن حكومتنا الرشيدة لم تلتفت إلى المناضلين ولم تكرمهم في حياتهم، ولكنه كان يشعر بالفخر كلما رأى منجزاً من منجزات الثورة والوحدة يتحقق، ويعزي نفسه بالقول دائماً: “ ما دمنا في أمان، ومادمتم تتعلمون فالوطن بخير”. وكان يخاف على الوطن من انتشار الفساد، وكان أكثر شيء يضايقه أن تنسب المنجزات إلى غير محققيها، وأن يتسلق الفاسدون على ظهور الشرفاء، ولم يكن متقبلاً لأي شكل من أشكال الفساد حتى أنه اعتزل الناس في آخر حياته وتفرغ لتلاوة القرآن الكريم ومناقشة معانيه، وكلما زرته وجدته في عالمه الممتع، فلم أجد واقعاً أفضل من واقعه أقنعه به. ومع عزلته ظل على أمل أن يتم تكريمه حتى بنشر ديوانه الشعري أو على الأقل ذكر اسمه قبل كل نشيد من أناشيده المغناة، لكن هذا لم يحدث، وظل الوضع كما هو لا تكريم ولا حتى إنصاف حتى انتقل إلى رحمة الله عام 2005م. ولا يزال والدي رحمه الله يتعرض للظلم حتى وهو في قبره، فنشيد (سلام الشعب) الذي نظمه والدي عام 1964م كما هو مثبت في ديوانه، وسلمه للفنان (عايش) وغنى مقطعاً منه في بيتنا، في بداية تجربة الفنان مع الغناء قبل سنوات عديدة، هذا النشيد تردده القنوات الفضائية وإذاعة صنعاء وبخاصة هذه الأيام فلا يذكر اسم والدي صاحب النشيد، وقد حاولت أن أذكّر المسئولين كلما قابلت أحداً منهم، خاصة بعد مناقشة قانون الحقوق الفكرية، ولكن لم أجد من يستمع إليّ. ولأنني ألاحظ أن ثورة الشباب قد بدأت تؤتي ثمارها فقد صحا الكبار وبدأوا مراجعة أفعالهم ومواقفهم، ولما سمعته من تغييرات في إدارات القنوات الإعلامية أوجه هذه الرسالة إلى المسئولين عن القنوات اليمنية بما فيها إذاعتا صنعاءوعدن .. هل حان الوقت لوضع اسم والدي الشاعر المرحوم الشيخ سالم أحمد السبع على نشيده الوطني (سلام الشعب) ؟!! سلام الشعب للقائد وللعسكر وللضباط والأحرار يتكرر سلام في سجل المجد يتحرر لجمهورية الشعب اليمانية تهاني الشعب لابن الجيش مرفوعة من الأعماق بالإخلاص مدفوعة إلى الثوار والأحرار مجموعة لجمهورية الشعب اليمانية بدا فجر العمل يا شعب فلتفرح وليل البؤس والحرمان قد روّح فبارك كل من يعمل ومن يكدح لجمهورية الشعب اليمانية تكلم أيها الفلاح والتاجر فأنت الحاكم الجبار والآمر بهدم السجن والسجان والعامر لجمهورية الشعب اليمانية شعار الجيش والثوار حرية ترد السجن للفلاح كلية وتحمي الشعب دبابات حربية لجمهورية الشعب اليمانية مدافع جيشنا الجبار بالمرصاد تراقب عودة السفاح والجلاد فيا ويل الشقي منها إذا ما عاد لجمهورية الشعب اليمانية يمين الجيش والرشاش والمدفع بأن الشعب بعد اليوم لن يخضع ولن يرضى بغير الحقل والمصنع لجمهورية الشعب اليمانية يعيش الشعب زراعه وعماله ويحيا الجيش ثواره وأبطاله ومن أخلص بأقواله وأفعاله لجمهورية الشعب اليمانية (*) أستاذ المناهج المشارك بكلية التربية جامعة صنعاء [email protected]