ثورة : كلمة ما أكثر ما ترددت على أسماعنا منذ خرجنا الى الدنيا وامتدت جذور معانيها من عمق خيالنا تصافح الآفاق لتشيد بأوتادها جسور الرفعة والشموخ .. واتسعت لها نفوسنا فأصبحت كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء ..وعندما كنا نقرأ تلك الكلمة هنا وهناك نقف عند كل حرف من حروفها وقوف تقديس وإجلال ..لأنها تعني لنا الشيء العظيم ، الذي يستحق أن نتسمَّر عند حدودها خاضعين .... ما بين عشية وضحاها يغير الله من حال إلى حال .. لتتحول كالدخان يعلو هامات السماء فيتبدد بين أوساط السحب ثم يتلاشى ويتلاشى كأن شيئا لم يكن ... تتفسخ تلك المعالم التي شاطرتنا حياتنا.. تربت معنا وتربينا معها.. والتي أصبحت جزءا منا وأصبحنا جزءا منها.. لتقدم إلينا اليوم كطائر يريد نشر جناحيه ليحلق بهما في جو مطير فلا يقوى على ذلك أو حتى حملهما في أوساط تلك الغيوم . عندما تنكسف الشمس وسط السماء حتما سيحل لظلام .. و كلنا عندها سيلعن الظلام. لأنها ثورة يعني أن نغلق المدارس ونمنع الطلاب من التعليم .. وماذا أيضا ..؟ بل تكون من أولويات مهامنا تحريض الموظفين والمدرسين والتلاميذ على الاعتصام والاعتكاف في ساحة التغرير ،وليس هناك مشكلة لأن يتقاضوا رواتبهم وهم في الساحة معتكفين فالمسألة جهاد ونحن قد أصدرنا فتوى بجواز ذلك . فشيوخ الإفتاء جزاهم الله خيرا متوفرون وكثر، عندنا الإخوان المسلمون حدِّث عن شيوخهم ولا حرج وعندنا الشيعة الاثناعشرية « الحوثيون» حدِّث عن شيوخهم ولا حرج ويمكنهم ان يفتونا بأي شيء نرغب به ليس عليهم أية غبار، ولا يعقدون لك الأمور كل شيء عندهم مسهل ، خذ الفتوى من أحدهم وأنت مغمض العينين، أتدرون لماذا ؟! لأنها ثورة ...! وماذا أيضاً ؟ لنا الحق في تحريض الطلاب على الاعتصام وترك مدارسهم لا داعي للإستفادة من العام الدراسي ، ليخسروا هذا العام الدراسي فليس مهما.. ولن يكون له رصيد في حسابنا الزمني من رحلة الحياة سوف نعمل له إعفاءً خاصاً ولن ندخله في جدول حياتنا ..! والوقت عندنا ليس له قيمة ولا ثمن ..لأنها ثورة كل شيء فيها مجاز ، حتى الامتحانات لا داعي لأن يخوضها الطلاب ... ويشغلوا حالهم بالمذاكرة والهموم، ونحن سنعمل على تفشيل الاختبارات كل جهودنا فليس لها ضرورة ، فهم في الساحة عندنا نستضيفهم ونقدم لهم المسرحيات والطرب ونخرجهم الى الشوارع للهتاف والتنديد برحيل النظام كجانب رياضي يفرَغون به طاقتهم ومخزونهم الغذائي فأي شيء آخر لن يكون أهم من الثورة ..! وماذا أيضا علينا أن نُشِّيد المخيمات في أوساط الشوارع حتى نعطل حركة سير العمل عند الناس .. ليس بالضروري أنْ يشتغلوا وماذا في ذلك ليس مهما ان يعيشوا هذه الأيام بل ربما أن هذه الأيام أو الشهور لن يشعروا فيها بالجوع والعطش ولن يحتاجوا فيها لمتطلبات الحياة اليومية بالتأكيد سيكون عندهم إعفاء .. ولربما هناك جند من السماء ستطعمهم وتسقيهم بل وسترسل إليهم فاكهة الشتاء والصيف معا ..ستنزَّل عليهم أرزاقهم فل داعي لأن يشتغلوا ويجهدوا حالهم .. بل يجب عليهم أنْ يعطلوا أعمالهم ويغلقوا محلاتهم وهكذا ، إنها ثورة أما تدري ماذا تعني ثورة ..؟! يجوز لنا أنْ نفعل الكثير والكثير . أن نضرب شيخا مسنا ونتدحرج به بين عشرات الشباب نجعله فينا كالدمية الهشة ندوس عليه بأحذيتنا ونتلاطمه مابين أيدينا وأقدامنا على شيخوخته وضعفه لا تتحرك في جوانبنا ذرة من رحمة أو قطرة من استحياء.. يا لهؤلاء البؤساء إلى أين وصلت بهم نزقة الشقاء والحمق .. لا تنزع الرحمة إلا من شقي .. حقا إنهم أشياء .. أهكذا يعبر الأحرار عن ثورتهم .. يزرعون الرعب ويخوفون العباد وينشرون الفوضى ويضيعون على الناس مصالحهم لا بأس عليك .. فهذه ثورتهم المباركة .. بل ويتفنِّنُون في تقديم مشاهد لم يسبقهم بها أحد ، .. مشهد أدموا به أفئدتنا وأمرضوا به أجسادنا أن يصل الإنسان إلى هذا المستوى من التوحش،كيف يكونون أناساً؟ أولئك وحوش في هيئة بشر حتى الوحوش لن تعمل هذا مع بني جلدتها فكيف بهذا المسلم الذي هو في بلاد الإسلام في بلاد الإيمان والرحمة في بلاد الحكمة من أين جاء هؤلاء لم يراعوا في هذا الجرم الجانب الانساني فضلا عن المقومات الأخرى .. ما أبشع ما يقدمون وما أبشع أصحابها وما أبشعها من ثورة رعناء. وماذا بعد أيتها الثورة ثورة لكنها وئدت بمهادها أتدرون لماذا؟ لأنه من المستحيل أن تنال حقا بباطل في أي قانون وبأي شريعة وفي عرف وماذا أعظم من تلك المشاهد النكراء ..من قلب هذا المجتمع رحماك يا إلهي إلى اين وصل هؤلاء .. مجتمع الايمان والرحمة مجتمع الحكمة .. أية ثورة يتغنون بها حتى وصلوا الى هذا الحال البائس حالهم كمن يكذب على نفسه وأصبح يصدق الكذب .. كانك بمشهد ترى فيه هؤلاء قد وصلوا الى مرحلة الهوس وتجميد العقل والحكمة ... أنى لثورة أنْ تحيا بما تحمله من غثاء.... ما بني على باطل فهو باطل .. وقفة تأمل : تكتحل العيون فرحة وفخرا بتلك الملايين من أبناء وطننا الشرفاء .. حين يثبون من كل زوايا الوطن وقفاره يطلون علينا كريح باردة يدل عليها انحناء الأشجار وحفيف الأوراق .. في كل جمعة على التوالي للصلاة بميدان السبعين..التفاف فعلي وجهاد عملي حول قائدهم ووطنهم وأمتهم .. لسان حالهم : تعاقب أيدينا ويحلم رأينا ونشتم بالأفعال لا بالتكلم. رد ملموس موجع على من أخرجوا كلماتهم عارية كسيحة رعناء ،حالها تعبِّر عن حالهم ،بعض من بعض..رسالة واضحة لمن يعبرون بأسمائهم ..من جعلوا من سفيف الكلام ورخيصه وسيلة حرب صفيقة ضد الطرف الآخر..لن نترككم تعبثون بوطننا ... لن نترككم لتتصدرونا بالأكاذيب التي تضللون بها على الجمهور الخارجي..لن نترككم لتصدقوا أكاذيبكم التي تحيكونها وبدون قيود ليلا ونهارا .. سيلعنكم هذا الوطن الأشم بالأشراف من الرجال الأخيار، بترابه، بجباله، بمائه وهوائه سيلفظكم إلى مزبلة التاريخ ..