لايختلف عاقلان على أن البلاد تعيش مرحلة بالغة التعقيد ستفضي إذ لم يتم تدارك الأمر من قبل أطراف المنظومة السياسية إلى حرب أهلية ستلتهم الأخضر واليابس، وهو مايتطلب من الجميع الاستجابة للمبادرة الخليجية والعمل على تنفيذ بنودها دون انتقاص أو تشدد في المواقف. نتفق أن الاعتصامات والاحتجاجات والمظاهرات حق مكفول للجميع، لكن دون المساس بالأمن والمصالح العليا للشعب.. فقطع الطرق ومحاولات اقتحام المقرات الحكومية وتعطيل مصالح المواطنين تعد أعمالاً تخريبية ودعوة صريحة لنهب وسلب الممتلكات العامة والخاصة. فأعمال العنف والتخريب التي تمارسها بعض الجماعات، لاشك أنها تهدد السلم الاجتماعي ولن تقود إلا إلى سفك دماء الأبرياء، وهو مايتطلب من المحتجين التعاطي بإيجابية مع مايبديه رجال الأمن من ضبط للنفس تجاه الاستفزازات والاعتداءات التي يقوم بها البعض من المتطرفين المندسين بين المتظاهرين، خصوصاً وأننا نشاهد البعض يمارس أعمالاً تتنافى مع سلمية المظاهرات والاعتصامات، حيث يتعمدون الإساءة لرجال الأمن بهدف استفزازهم ومن ثم إجبارهم على الدفاع عن أنفسهم. من المؤكد أن الوضع الراهن الذي تمر به بلادنا يشكل مرحلة استثنائية في تاريخ اليمن الحديث، لذلك ينبغي استحضار الحكمة اليمانية وتغليب المصلحة الوطنية العليا وعدم الانجرار وراء الدعوات الهادفة إلى جر الوطن نحو العنف وإذكاء الفتنة، فالبعض من الطامعين في الوصول إلى السلطة يدفعون الأبرياء من الشباب إلى المحرقة وجعلهم قرابين لتحقيق تطلعاتهم في الوصول إلى سدة الحكم. لاشك أنه لاتزال هناك أمام الأحزاب - سلطة ومعارضة - فرصة تاريخية لإنقاذ الوطن من المصير المجهول الذي ينتظره في حال تمترس كل حزب وراء موقفه، فتحكيم العقل والعودة إلى الحوار والاستجابة للمبادرة الخليجية هو السبيل الوحيد لتفادي كارثة حقيقية سيدفع فاتورتها الشعب سنوات طوال على مختلف الأصعدة أمنياً واقتصادياً، خصوصاً وأننا مازلنا ندفع فاتورة حرب صيف 94 وماخلفته من مآسٍ ودمار للبنية الاجتماعية والاقتصادية وسنحتاج في حال حدوث - لاقدر الله - حرب أهلية إلى عقود لنداوي الجروح التي ستخلفها ونحن في غنى عنها. على الأحزاب التي تتصارع على كرسي الحكم أن تدرك أن الشعب قد سئم الحروب ويجب الاحتكام إليه باعتباره صاحب السلطة ومصدرها، فالشعب يريد الأمن والاستقرار ويريد أن تتكاتف جهود الجميع للبناء وتحقيق تطلعاته في الرقي والتقدم. الشعب يريد انتقالاً سلمياً للسلطة عبر مؤسساته الشرعية.. لا تعطيل للحياة وافتعال الأزمات وتخريب المنشآت وقطع الطرق وإقلاق السكينة العامة وتعريض الوطن للخطر.. يريد أن تسود بين أبنائه المحبة والوئام.. لاالكراهية والانتقام . الشعب يريد عودة الحياة إلى ماقبل الأزمة، فهل تستجيب الأحزاب لمطالب الشعب من خلال العودة إلى طاولة الحوار وإخضاع جميع القضايا الوطنية للحوار، باعتباره الحل الأمثل للخروج من الأزمة الراهنة؟.