هكذا أصبحنا نعيش أحوالنا، ودون دراية منا... وكأننا بعيدون عن هذا العالم الذي أضحى يسير بسرعة فائقة في كل مجالات حياته الإنسانية، بما فيها الاجتماعية، الاقتصادية، الثقافية، العلمية، البحثية.. بينما نحن ظللنا منكفئين على حالنا البائس.. والمتعب.. فقط ننشد ونطمح للوصول إلى ماوصلت إليه تلك المجتمعات من رقي وتطور تكنولوجي، وتقدم حضاري، في شتى مناحي حياتها دون أن نخطو مثلها ولو خطوة واحدة إلى الأمام.. أو على الأقل نستفيد من تجاربها في أي جانب ونتعاطى معها وفق ما يتناسب مع واقعنا الاجتماعي حتى نتمكن من النهوض بأوضاعنا والتغلب على الإشكالات التي لاتزال تمثل حجر عثرة أمامنا.. إنما لم نأخذ بهذا أو ذاك.. بل ظلت أمورنا على ذلك الحال المفرغ من الموضوعية.. وعدم الأخذ بما ينبغي أن يكون إيجابياً للمجتمع من خلال تلك الرؤى والأفكار الثاقبة والمفاهيم العلمية القائمة، أو المبنية على الخطط الممنهجة.. والتي تمثل في حقيقتها أبعاداً آنية ومستقبلية للوطن ولأبنائه حتى تكون بمثابة منطلقات أساسية يمكن التعاطي معها بحسب احتياجات الواقع وبعيداً عن الهوشلية التي دائماً ماتسود في معظم خططنا التنموية وبرامجنا الإنمائية وحال الشروع في تنفيذها على أرض الواقع فضلاً عن آليات عملنا.. “الملخبطة” في كل شئون حياتنا .. هنا أو هناك وبالتالي.. فإن أمراً كهذا.. هو ما أفضى في نهاية المطاف إلى طريق غير معروف المعالم والأهداف. وكأنه تم التعامل مع أوضاع كهذه.. من باب مقولة “مشّي حالك” فقط دون إيلاء هذه الأمور أية أهمية.. وخاصة بعد أن تم الأخذ بمفهوم العولمة والتوجه نحو الخصخصة.. خلال الفترة الماضية.. والتي لم تعط أو ينتج عنها سوى إفرازات سلبية بقدر ما كادت أن تقضي على كل ما كان إيجابياً في واقعنا وهذا ماوصلنا إليه مؤخراً لأننا لانشعر بالخطر إلا عندما يداهمنا ويحاصرنا من كل جانب.. وكأننا مازلنا نعيش في تلك الأزمنة الغابرة غير مدركين ما ستؤول إليه الأحوال وغير آبهين بذلك وكأن كل شيء يسير على مايرام. ولكن أثبتت الأيام بأن ماكان يُعتمل في هذا الشأن.. لم يكن صحيحاً بل عكس ما كان متوقعاً منه، لأنه لم يتم الأخذ بأية جوانب إيجابية سابقة حتى يمكن الاعتماد عليها في مثل هذه الحالات التي نعاني منها حالياً.. وخاصة من حيث عدم توفر أبسط الحاجيات الأساسية.. للإنسان.. ومن ذلك الغاز.. وإن وجد فهو بسعر مرتفع ولايستطيع أحد شراءه.. إلا من كان قادراً ناهيك عن وصول المياه في نهاية كل شهر.. إضافة إلى انقطاع التيار الكهربائي مابين وقت وآخر، إذا كان حالنا بهذا الشكل فنتساءل: إلى أين نحن سائرون؟. هل حقاً نطمح لواقع جديد.. وأفضل حالاً مما نحن عليه؟ لا أعتقد.. لأن كل الأحوال ليست بالمستوى المطلوب.. ويعود ذلك لعدم تعاطينا مع مايعتمل في واقعنا بشكل جلي.. ينم عن مدى وعينا وفهمنا لظروف ومتغيرات الحياة في هذا العصر.. ولذلك للأسف بقينا على حالنا ندور في حلقة مفرغة وكأننا لسنا من هذا العالم الذي أصبح لايخاف غده أو مستقبله.. بينما نحن بمجرد أن ينتهي اليوم الواحد منا لايفكر باليوم التالي فما بالنا بالمستقبل كيف سيكون؟ وباعتقادي بأن هذا شيئاً مخيفاً ومقلقاً للغاية، لأن حياتنا جبلت على هذه الصورة التي نحن عليها اليوم.. دون انفكاك منها.