لامهرب لهذا المجتمع الدولي من الحمم البركانية التي ستطلقها انتفاضة فلسطينية قادمة سيكون لها زئيرها الخاص بفعل المتغيرات العربية الجديدة لاسيما وقد بدت مؤشرات هذه الانتفاضة تلوح في الواقع بدراماتيكية جديدة ولدت في لحظة وعي فلسطيني مغاير أعاد من خلاله أطراف القضية حساباتهم لاسترداد حقوقهم التي عجزت الدبلوماسية عن إعادتها ، ومعها وقف النظام العالمي مشدود اللسان بنسعةٍ صهيونية زادت في نقله اليوم من مرحلة الإعياء إلى مرحلة العجمة . اليوم يجلس أشياخ فلسطين في كل أرض الشتات ، إلى أبنائهم وأحفادهم ليتذكروا بحلول ذكرى النكبة قصصاً من كتاب المأساة التي حكم فيها هذا العالم الجبان على شعب كامل بأن يموت بعضه مداهمةً وقتلاً وهدماً للمنازل على رؤوس أهلها وأن يهجّر بعضه ويغيب عن تاريخه وأرضه وتُطمس هويته ويعيش في الملاجئ من أفلت من المجازر الوحشية التي لم ينقطع حبلها حتى هذا اليوم . في هذه الذكرى الثالثة والستين للنكبة يتعاظم الإحساس الفلسطيني ويشده التفاعل القومي العربي الذي أرهب العدو الإسرائيلي بهبته وتأييده للشعب الفلسطيني في مطالبته بحق العودة وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني . أليس من حق هذا الشعب أن يُطالب بحقوقه وينتصر لإنسانيته ويغضب في وجه هذا العالم الذي طال صمته وغيابه برغم تشدقه الدائم بالحقوق والحريات وقيم العدالة ؟! هذا هو السؤال الملحّ الذي سيلاحق ضمير العالم دهراً طويلاً فلا يصحو إلا على وقع زلزلة فلسطينية على إثرها سيتآكل خجلاً.. وهذه هي البداية . فما شاهدناه اليوم في الحدود العربية مع إسرائيل اتضح لنا من خلاله أن قضية هذا الشعب بدأت في العودة إلى مكانها الصحيح في وجدان الإنسان العربي وإرادته الشبابية المتحمسة لاستعادة الحق الذي أخذه من لايملك وأعطاه لمن لايستحق.! ومتى سيخجل المجتمع الدولي من نفسه وهو يشاهد اليوم هذه المجازر الصهيونية الجديدة التي تُرتكب بحق هذا الشعب الأعزل والتي راح ضحيتها عشرات القتلى ومئات الجرحى بغير ما ذنب ؟! هل استطاع هذا المجتمع الدولي وهيئات العدالة الدولية ان تمنع الاستمرار الإسرائيلي في الاستيطان واغتصاب مزيد من الأرض الفلسطينية ؟! وهل قدمت إسرائيل شيئاً من أجل السلام ؟! وما الذي قدمته الإدارة الأمريكية الجديدة لهذه القضية برغم الخطابات التي اتضح إنها من باب (قلوبنا معكم وسيوفنا معهم)؟! إذن هذا هو زمن الصحوة الذي ينبغي أن يدركه كل عربي للتركيز على قضاياه الجوهرية بالتلاحم والاصطفاف اللذين سيسحبان البساط من تحت أقدام المناورات السياسية التي افرزت الضعف والتخاذل عقوداً من الزمن وأشربناهما في قلوبنا حتى ظننا أننا نعيش نهاية العالم. وإن الفصائل الفلسطينية تسرّنا اليوم وهي تشكّل صورة أولى من صور هذا الالتحام والتآزر في مواجهة العدو وتحقيق الهدف المطلوب لتدشن مرحلة جديدة في تاريخ النضال الفلسطيني ضد هذا العدو الغاصب. ونحن نقول: ان على المكونات السياسية العربية ان تتفاعل مع هذه الخطوة الفلسطينية وتمنحها الاستجابة المناسبة التي من شأنها الحفاظ على اللحمة الفلسطينية خصوصاً والعربية عموماً من إبقائها في دائرة الخلاف لأن البقاء في هذه الدائرة ليس معناه الجمود وعدم التقدم والقعود عن تحقيق المكاسب ولكنه يعني السير نحو الهزيمة سيراً حثيثاً .. فهل أدرك العرب ذلك؟!