من بين أكوام الدمار الناجمة عن حرب الأيام الماضية التي دارت رحاها في الحصبة صرخ الشاهد الذي دخل إلى الأحياء السكنية: “وافجيعتاه” حين رأى ماخلفته تلك المواجهة من قتلى وجرحى دون الحديث عن حجم الخراب والدمار ..عشرات القتلى والعدد قابل للزيادة مع استمرار البحث تحت الأنقاض والعملية لم تزل في بدايتها لم يصدق الشاهد ماشاهدت عيناه ولن يصدق أحد أن الفاجعة قد وصلت إلى هذا الحد وأن أعداد القتلى والجرحى قد وصلت إلى ماصلت إليه حكايات تقشعر لها الأبدان عن الموت الذي سرى كالطوفان على منازل الساكنين فسقط الشهداء أمام أهلهم وذويهم وظلوا بينهم لأيام قبل أن تسمح لهم الهدنة بإخراجهم ومداواة جرحاهم الذين ظلوا طيلة الأيام الماضية بآلامهم ينتظرون من يأتي ليرفع عنهم الحصار ويسعفهم بمسكنات الألم ويأخذهم إلى المستشفيات لتلقي العلاج .. فاجعة كبرى أصابت الناس بالصدمة حين سمعوا بجثث تعفنت وجروح قتلت الجرحى في غياب الدواء والإسعافات جراء الحصار ، وحين أدركوا كيف عاش مواطنو تلك الأحياء أياماً عصيبة إلى حد الموت الجماعي .. أين نحن وفي أي زمن نعيش ؟ ولماذا كل هذا الإصرار على السير في طريق القتل والدمار وإرسال قذائف الموت يميناً ويساراً وفي كل الجهات في معركة خاسرة ولا ينبغي أن نسمع لها مبررات لاتنم إلا عن قبح قائلها وقبح من يصدقها ومن يستمع إليها ويتعاطى معها .. حدث كل هذا الرعب وهذا الدمار وكل ذلك القتل الأحمق الأهوج خلال أيام قليلة ، فماذا سيحدث لو طال أمدها قليلاً ؟ وماذا سيحدث لو توسعت قليلاً أو كثيراً ؟ سوف يدفنون هذا البلد وأهله في ركام الدمار ويقتلون الناس جميعاً دون حساب للأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ ثم لماذا كل هذا الشر الذي لا يفرق بين احد من الناس وغيره ؟ هكذا تتحدث النتائج عن بشاعة ماحدث وعن رغبة في زيادة عدد القتلى والجرحى وزيادة الخراب والدمار للاستفادة من الأرقام في المعارك السياسية والكلامية التي رافقت المعركة وستبقى بعدها إلى أجل غير مسمى.. لايمكن فهم كل هذا العدد من القتلى والمصابين والأضرار التي لحقت بمساكن المواطنين إلا من باب زيادة العدد للاستفادة منه ، وكل ذلك ينم عن رغبة جامحة في القتل ..ماذنب أولئك الأبرياء الذين لاذنب لهم سوى أنهم سكنوا حي الحصبة من زمن الأمن والأمان قبل أن يتحول إلى ساحة معركة خاطئة في قضية خاطئة لاناقة للضحايا فيها ولا جمل ولا شاة ولا أرنب ولا حتى عصفور، فدفعوا من أموالهم ومساكنهم ودمائهم وأرواحهم وتشردوا كما لم يحدث في اماكن شتى من ساحات الصراع في العالم ..لقد كشفت هذه الحرب عن حقائق كثيرة سوف يهتدي إليها كل واحد منا بنفسه ، وسوف نظل ننتظر المواقف التي يفترض أن تحضر في مواجهة ماحدث بصدق لوضع الأمور في نصابها الصحيح حتى لاتتكرر مأساة أهالي الحصبة في أماكن أخرى في معارك تشعلها الشياطين وتصر على أنها مقدسة ظلماً وعدواناً وتعدياً على أصول الدين والقيم الإنسانية ، ولا عزاء إلا للأبرياء.