يشعر المرء أنه واقع تحت تأثير الذهول أو أسير حالة من اللا وعي وهو يرى ويسمع عن الأحداث الدراماتيكية التي جرت ولازالت تجري رحاها في العاصمة صنعاء من قتل للنفس البريئة وتقويض الحياة العامة وترويع الآمنين ونسف ما تحقق من مكاسب وبنى تحتية.. إنه الجنون وحالات الانفصام التي عطلت لغة الكلام وجعل آلة الدمار والتخريب هي التي تتحدث .. نعم طفح الكيل وبلغ السيل الزبى مما حدث ومما اقترفته وتقترفه تلك العصابات الإجرامية التي تظهر علناً دون حياء أو خجل من على شاشات الفضائيات مدججة بأحدث ما أنتجته تقنيات التسليح والموت والدمار.. لقد طالت تلك الحماقات الطائشة والمجنونة مقدرات الشعب ومؤسساته , واعتدى على هيبة الدولة ومكانتها ونظامها , واقتحمت دواوين الوزارات والمباني والمنشآت العامة وخربت ونهبت محتوياتها وأصبح كل ما فيها من تجهيزات ومعدات وأغراض وأثاث فيد وغنيمة بعرف العقليات المحنطة المشدودة إلى عصور ضلالات الجاهلية والعصبية المقيتة .. فهذا هو الصرح الإعلامي الأول في الوطن وكالة الأنباء اليمنية « سبأ » لم تسلم من عصابات النهب والتخريب وامتد إليها يد الفيد لتنهب أكثر من 450 جهاز كمبيوتر وآلتي طباعة حديثتين قيمتهما أكثر من خمسة عشر مليون دولار بالإضافة إلى أجهزة الإرسال وأجهزة التصوير والاتصال والسيرفرات ومعدات وتجهيزات تقنية وأثاث بمليارات الريالات. ولم تكتف تلك العصابات الإجرامية بالاعتداء على مباني ومصالح الدولة فحسب بل امتدت لمنازل وممتلكات المواطنين الخاصة ومساكن البعثات الطبية والرعاية الإنسانية وكأن هذه العناصر قد أصابها مس أو داء مسعور حاكى نفسها المريضة وزاد لديها من شهية القتل والتخريب والدمار والنهب .. هذا طبعاً في العاصمة صنعاء أما ما جرى في زنجبار بمحافظة أبين من قبل القطعان الناقمة على الحياة فقد كان أفظع بشاعة ولم تسلم منهم حتى محطة البحوث الزراعية في منطقة الكود التي تعد أول محطة بحثية زراعية على مستوى منطقة الجزيرة والخليج ويعود تاريخ تأسيسها إلى ما قبل 60 عاما حيث دخلتها قبل أيام تلك المجاميع المسلحة مزهوة بفتح مبين فعاثت فيها فساداً ونهبت محتوياتها بما في ذلك “ السيارات والحراثات الزراعية ومضخات المياه وكافة الأجهزة المختبرية والأجهزة الحقلية، والأثاث بمختلف أنواعه من طاولات وكراسٍ ودواليب ومكيفات وثلاجات وأبواب ونوافذ وحتى المراوح والأميال الكهربائية ». .. وأمام هذا الوضع المأساوي والمؤلم اعتبر المدير العام للمحطة الدكتور خضر عطروش هذه الجريمة بأنها «طمس للإرث التاريخي لمحطة البحوث الزراعية بالكود التي تعد ملكا للوطن والمواطنين وليس لأفراد» مطالباً « الإخوة المواطنين وأصحاب الفضيلة العلماء والأكاديميين أساتذة وباحثين ومراكز البحوث الزراعية والإقليمية والدولية ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الإقليمية والدولية ورجال الأعمال بإدانة هذا العمل الإجرامي لتلك المؤسسة السيادية التي تعنى بالبحوث العلمية والزراعية الهادفة إلى تحسين الإنتاج الزراعي وتحقيق الأمن الغذائي» .. نعم أننا أمام نذر خطر يلوح بمشروعه التدميري الظلامي ولم يعد مقبولاً إنسانياً أو أخلاقياً الصمت إزاءه أو غض النظر عما تقترفه تلك العصابات الإجرامية من فساد وطغيان وقتل وعبث وتدمير والذي لن يتوقف وسوف يتمدد ليسير على الأخضر واليابس, ولهذا لابد أن يواجه بقوة سلطة القانون وبحسم وشدة لبتر شروره والخلاص من حقده.. [email protected]