هكذا يظل المتعطشون لسفك الدم لا عهد لهم ولا ذمة يعملون ليلاً ونهاراً من أجل إشعال نيران الحروب وشق الصفوف، فكلما أشعل قبس من نور لإزاحة الظلام هب الحاقدون والكارهون للدين والوطن من أجل إطفائه، ومنع السلام والوئام، وكأن مثل هؤلاء ما خُلقوا إلا للفتنة والنار يشعلون أوارها كلما هجعت أو هدأت في مكان ما، ويجعلون من وجودهم أدوات شيطانية تخرب البلاد وتقضي على الوئام وتحارب الناس في معاشهم وتقلق أمنهم واستقرارهم وتنال من سلامة الوطن ومكتسباته. إن زُراع الفتن لا يهتمون بغير الحقد والكراهية والفتنة ولا يعرفون قيماً اجتماعية وإنسانية أو دينية بقدر إيمانهم المطلق بالفوضى والخراب، لأن تربيتهم تنهاهم عن الخلق الحسن وتجرهم إلى سوق الفوضى والاحتراب لا يعرفون معروفاً ولا ينكرون منكراً على الإطلاق، ومن كانت هذه هي سلوكياته فإن الخير فيه معدوم والشر فيه مزروع، ولا يعرف عهداً ولا ذمة ولا يعطي لأحد قدراً. إن الأزمة السياسية التي افتعلتها بعض القوى السياسية قد أظهرت أخبث الخبائث وقدمت أبشع الجرائم والإرهاب، وأفرزت النفوس الشريرة التواقة إلى التوحش والافتراس وفعل الإجرام والإرهاب والفساد في الأرض التي لا تعقل قولاً أو فعلاً غير القتل والتدمير ولا تعرف حياة غير السوط والعدوان، وترفض حياة الأمن والاستقرار، لأنها لا تعرف معانيه ودلالاته الإنسانية بسبب التربية على سلوك الانحراف في الحياة بشكل عام. إن الانقلاب على العهود والمواثيق لا يعرفه إلا من لا يعرف ديناً ولا أخلاقاً ولا أعرافاً ولا يقيم للحياة الإنسانية وزناً ولا يراعي في أحد عهداً ولا ميثاقاً، ولا يعرف غير حياة الجاهلية العمياء القائمة على العدوان والفساد في الأرض. إن من لا عهد له ولا ميثاق، لا أمان له ولا إيمان، حياته وحشية وهمجية لا يعرف طعم الأمان والاستقرار، ولا يعرف غير القهر والظلم والجور والفجور والعدوان، لذلك فإن الأزمة السياسية الراهنة قد كشفت القناع عن وجوه كثيرة تشكل خطراً على الحياة الإنسانية، الأمر الذي يتطلب تكاتف المجتمع مع الدولة والجيش والأمن من أجل حماية السلام الاجتماعي ومنع العدوان والجبروت والجهل بإذن الله.