الاتفاق الذي أبرم بين السلطة المحلية بمحافظة تعز وأحزاب اللقاء المشترك ولد ميتاً من البداية..، ولهذا سرعان ما تم خرقه قبل أن يجف حبر من وقع عليه من الطرفين.. وعلى الرغم من أننا لم نكن متفائلين بهذا الاتفاق إلا أننا قلنا :ربما يصدق طرفا الاتفاق هذه المرة ويعملان على تنقية الأجواء الحياتية السيئة التي نعيشها اليوم في تعز بفعل انتشار المظاهر المسلحة والتراخي الملحوظ للأجهزة الأمنية عن فرض هيبة الدولة والقانون.. الاتفاق الذي خلق ميتاً لم تمر ساعات قليلة من التوافق عليه حتى أعلن عن موته رسمياً لدى غالبية أبناء تعز الباحثين عن العيش بأمن وسلام وبعيداً عن السلاح ومظاهره المؤلمة التي أصبحوا يعيشونها اليوم بكل وجع وألم.. من كان يتوقع أن تتحول تعز الثقافة والعلم والتحضر والرقي.. تعز الهواء النقي والطبيعة الساحرة والجو الذي لا شبيه له، إلى تعز المليئة بالخوف، تعز الملوثة بالمسلحين وقطّاع الطرق.. تعز الصاخبة بأزيز الرصاص بكل أنواعها وأشكالها.. وفي صباحات ومساءات أيامها التي لم تعد حالمة!.. لم تعد تعز كما كانت بالأمس رغم السلبيات والاختلالات التي كانت سائدة..، لم تعد تعز تعزّ على أبنائها.. فأبناؤها اليوم هُم من يستبيحون طهرها ونقاءها، وأبناؤها اليوم هم من يسرقون هواءها ويقتلون أمنها وأمانها.. إن الاتفاقات أياً كانت في ظل سيطرة العناد والمكابرة وغياب الوعي وحضور «الفتونة» و«البلطجة» لن تؤدي إلى نتيجة..، ولن تعيد تعز إلى أمسها الذي كان.. الاتفاقات الممهورة بالكذب والمكر والخديعة لن تزيد الوضع إلا سوءاً، ولن تؤدي إلا إلى زيادة الاحتقان وسيطرة «الهنجمة» وإنهاء الأجواء الآمنة المتبقية.. لا نحتاج إلى اتفاقات من أي شكل أو نوع كانت ما دام هناك قانون ودولة ونظام، ومادام هناك مسؤولون يعون مهامهم وواجباتهم ومسؤولياتهم.. لسنا بحاجة إلى أي اتفاق.. فما بالنا إن كان هذا الاتفاق مع قطاع طرق ومحرضين على الفوضى والتخريب والنهب واللصوصية.. الاتفاق المبرم بين السلطة المحلية وأحزاب المشترك بتعز خلق ميتاً، بل أسهم في إظهار الدولة بأنها ضعيفة وغير قادرة على مواجهة الخارجين على النظام والقانون بالحزم وقوة النظام والقانون.. إن فرض النظام في أي وضع كانت عليه الدولة وبسط سيادة القانون هو جزء لا يتجزأ من هيبة الدولة والمؤسسات، فضلاً عن كونه جزءاً صميمياً من مسؤوليات وواجبات السلطة المحلية والأجهزة الأمنية، وهو يقترن كذلك بالحزم في ردع المخربين وعصابات التقطع والبلطجة ومحترفي الجريمة ومعكري الجو العام والسكينة المجتمعية. يكفي تساهلاً.. ويجب أن يعلم هؤلاء المسلحون ومن يدفعون بهم إلى شوارع تعز وأحيائها لممارسة النهب واللصوصية والاعتداءات على المواطنين أن هناك دولة وأن هناك قانوناً يمنع ويجرم ويحاسب كل من يمارس ويحرض على ممارسة الاعتداءات والبلطجة.. ولا شيء فوق القانون.. فهل تعود تعز إلى سابق عهدها وإلى طبيعتها الحالمة.. أم نرى في قادم الأيام مزيداً من التهاون واللامبالاة؟!..