عندما يُمعن المرء في عقوق وطنه ويتمرّد على ثوابته الدينية والوطنية والإنسانية، ويتحوّل إلى عدو حاقد على كل خير في الوطن وناقم على كل نعمة فيه وجاحد لكل معروف ومنكر لكل جميل، بل يصبح كتلة ملتهبة من الكراهية لكل شيء جميل في وطنه، وأمثال هؤلاء العاقين، لا شك أنهم تربّوا على نعمة ولم يذق أحد منهم ويلات المعاناة من أجل الحصول على المتطلبات الضرورية في الحياة، ونشأ أغلبهم في ترف لا حدود له ونعمة زائدة، ولأنهم لم يعانوا ما عاناه الآباء والأجداد فإنهم سرعان ما ينقلبون على تلك النعم الجاهزة ليحولوها إلى نقم. إن الذين لا يدركون المعاني والدلالات الفعلية لحب الوطن وأنهم لا يدركون أن حب الوطن يقترن بالإيمان بالله، لا شك أن تربيتهم القائمة على الزيف والنعمة الزائدة عن حدودها قد أضعفت درجة الإيمان لديهم وأبعدتهم كثيراً عن السلوكيات الإنسانية والإيمانية, وجعلتهم يشعرون جراء الثراء الفاحش أن معبودهم هو المال، ومن يمتلك المال حسب مبادئهم الوحشية يمتلك الرقاب. ولم يدرك هؤلاء أن الإيمان بالوطن الذي اقترن بالإيمان بالله أقوى من أية وحشية, وأن الالتزام بالثوابت الدينية والوطنية والإنسانية أقوى من أساليب النهب والبطش والهمجية، وأن الأخلاق والسلوك الحسن أعظم تأثيراً في القلوب والنفوس من العنجهية وعقوق الوطن. إن الأزمة السياسية قد برهنت أن أساليب التربية بحاجة ماسة إلى إعادة النظر, وأن القيم والمبادىء الدينية والوطنية والإنسانية بحاجة إلى تركيز أكثر لغرسها في نفوس وعقول النشء ليتربوا على الطهر والنقاء وعدم التعالي على الناس والتواضع لله أولاًً. وقد كشفت الأزمة عورات أصحاب الثروة والجاه الذين لم يُحسنوا صنعاً بأموالهم لما يرضي الله ويحافظ على الشرعية الدستورية ويصون الوحدة الوطنية ويحمي القيم الدينية والوطنية والإنسانية، ولذلك على الكافة إعادة النظر في أمور حياتهم بما يحقق تقوى الله في السر والعلن, ويحقق وحدة الصف ورفض العنف والإرهاب, والاحتكام إلى كتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم بإذن الله.