لا يمكن الحديث عن التحولات التي حققها الوطن اليمني في المجالات التنموية والاقتصادية والسياسية والديمقراطية دون التوقف عند الدور البارز والكبير، الذي اضطلعت به المؤسسة العسكرية والأمنية ، وأبناؤها الأفذاذ، والتي حملت على عاتقها الكثير من المسؤوليات الجسام كان يستحيل على غيرها القيام بها ومواجهة تبعاتها على النحو الذي تصدرت له هذه المؤسسة الوطنية في مختلف المراحل. - وهي حقيقة ستظل محفورة في ذاكرة الأجيال اليمنية المتعاقبة التي لا يمكن لها أن تنسى التضحيات العظيمة التي قدمها أبناء القوات المسلحة والأمن وهم يسطرون ملحمة الثورة التي دكت عروش الكهنوت والتخلف والاستبداد ورسمت إشراقات عصر التحرر الذي استعاد فيه الإنسان اليمني كرامته وإرادته وحقه في العلم والمعرفة والتقدم والتطور في مختلف ميادين الحياة. ومثلما كان أبناء القوات المسلحة والأمن هم أصحاب الإسهام الأكبر في صنع انتصار الثورة اليمنية فقد كانوا أيضا الرواد المدافعين عنها ، وذلك من خلال تمثلهم لها ولمبادئها وأهدافها ، الأمر الذي كان له الأثر البالغ في تجنيب هذه الثورة اضطراب المفاهيم حول هويتها ، خاصة حينما حاولت بعض القوى الانحراف بمجرى مساراتها عن طريق التآمر وحَبْك الدسائس وإعلان الحرب عليها، وهي النوايا التي برزت بشكل مكشوف وواضح في حصار صنعاء والذي دام سبعين يوما وتصدى له أبناء القوات المسلحة والأمن ومن خلفهم جماهير الشعب اليمني التي هبت من مختلف مناطق الوطن شماله وجنوبه، شرقه وغربه للدفاع عن صنعاء عاصمة اليمنيين العصامية ، ليدحروا ذلك الحصار ويلحقوا الهزيمة النكراء بقوى الارتداد والظلام والكهنوت ، التي أرادت العودة بعقارب الساعة إلى الوراء ، دون إدراك منها لكينونة التغيير الذي أحدثته الثورة في وعي المجتمع اليمني، الذي تشرب من ثقافة الثورة وفكرها. - ولسنا بحاجة للاستدلال على أن المؤسسة العسكرية والأمنية ، قد شكلت صمام أمان الثورة والوحدة والديمقراطية ومسيرة التنمية والتطور. - كما لا نحتاج إلى القول بأن أبناء هذه المؤسسة الوطنية الكبرى قد جسدوا معاني الوحدة الوطنية في أنصع صورة ، فمثل هذه الشواهد الحية تعبر عن نفسها وتبرهن عليها مواقف أبطال هذه المؤسسة ، الذين جعلوا من رابطة الانتماء لهذا الوطن العروة الوثقى التي تجمعهم على الإخلاص والتضحية من أجله، بل إنها التي كانت بالنسبة لهم المنارة التي يهتدون بها في كل ما تعلموه وتربوا عليه وآمنوا به. ومهما قيل عن الأدوار المشرفة لهذه المؤسسة الوطنية فلا نعتقد أن أحدا بوسعه إعطاؤها حقها خاصة وأن أبناءها البواسل هم من علمونا - بإيثارهم ووفائهم وبذلهم السخي - كيف يكون الولاء للوطن بمفهومه الحقيقي ، الذي لا تتنازعه الولاءات الضيقة أو النزعات العمياء ، وكيف يحب الإنسان وطنه حبا خالصا ومطلقا لا يقترن بمصلحة أو منفعة أو رصيد في بنك محلي أو خارجي، بل إننا تعلمنا منهم كيف يغلب المرء مصلحة وطنه العليا على ما سواها من المصالح الذاتية والأنانية، وكيف يكون الإنسان كبيراً بوطنه وصغيراً بدونه.وبعد كل ذلك فقد تعلمنا منهم أبعاد ودلالات الحديث الشريف: «حب الوطن من الإيمان». - وأمام كل هذه المعاني فإن مؤسسة بكل هذا العطاء والصفات والسجايا والسمات الوطنية والحضارية تستحق منا جميعا أن نقف إجلالا وتقديرا لما قدمته من أجل هذا الوطن وأبنائه فإليها يعود الفضل الأول فيما نحن فيه من أمن واستقرار وما ننعم فيه من منجزات ومكاسب ويكفي أنها العين الساهرة على سكينتنا العامة والحصن الحصين لثوابتنا الوطنية والسياج المنيع والرادع لكل المحاولات والمرامي الخبيثة والدوافع الخسيسة التي تضمر الحقد لهذا الوطن وتناصب أبناءه العداء وهي سلوكيات تجرد أصحابها من كل القيم الوطنية والأخلاقية والدينية. - إنه التقدير الذي يستحقه أبناء هذه المؤسسة الوطنية الكبرى عن جدارة، ومن لا يحمل مثل هذا الشعور لهؤلاء الأفذاذ أو يستكثر عليهم «كلمة طيبة» لا تساوي شيئا أمام ما يقدمونه لهذا الوطن من تضحيات إنما هو جاحد وفاقد الإحساس وناكر للجميل ولاضمير له، فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله.