لم تدرك القوى السياسية حجم الخسائر التي يتكبدها الوطن بسبب الأقوال والأفعال التي تأخذ منحى جنونياً ضد الوطن ومصالحه العليا، كما أن بعض الأقلام تنفث سموماً لا يدرك خطورتها إلا من جعل الوطن همه الأول والأخير؛ لأن البعض ممن لا يدركون فداحة القول قبل فداحة الفعل لا يهمهم الوطن بكل مكوناته البشرية والجغرافية وينصب همتهم في الذاتية والأنا العدوانية التي لا ترى غيرها في الأرض. إن المشهد السياسي خلال المرحلة الراهنة يشهد تفاعلاً وتحركاً صوب التفكير في المستقبل وعدم الانشداد إلى عوامل الفتن ونوازع الشر، وهذا التفاعل الإيجابي الذي يبعث على التفاؤل لم يخل من المنغصات، فقد شاركت في العديد من الندوات والمحاضرات والفعاليات ولمست تعقلاً وتفهماً من الكثيرين الذين كنت أوجه إليهم النقد بهدف إصلاح الشأن وتغليب المصالح العليا للبلاد والعباد على المصالح الضيقة والأنانية الذاتية، وشهدت خلال تلك الفعاليات الحوارية الحرص الذي كنت أنادي به من أجل اليمن الكبير وخير الإنسانية والالتزام بالثوابت. إن التقارب والتحاور والتشاور هو الطريق الآمن الذي يوصل البلاد والعباد إلى بر الأمان ويحقن الدماء ويصون الأعراض ويعزز الوحدة الوطنية ويجسد الثوابت الدينية والوطنية ويحول دون الفرقة والقطيعة وينمي القدرات ويحافظ على الإمكانات. ورغم ما شهدته الفترة الماضية من الفجور في القول والفعل الذي خرج عن الصواب، إلا أن عامل الإيمان بالله رب العالمين وامتزاج حب الوطن بالإيمان بالله من أقوى الثوابت التي لم تتزحزح أثناء العاصفة التي مرت على اليمن. إن منهج الحوار حياة الخيرين وطريق المستنيرين وعنوان الأتقياء لا يخرج عنه إلا ضال اختار العصيان والهوان وخان الأمانة وسلم عقله لشيطانه وعصى الله وتمرد على الثوابت الدينية والوطنية والإنسانية وحكم على نفسه بالعزلة والتفرد بالطغيان، ولذلك أجدد الدعوة لكل الذين يعتقدون أنهم يحملون قضية وطنية أن يبادروا إلى طاولة الحوار لطرح قضيتهم، وما دون ذلك فهو العصيان وعقوق الوطن والخروج عن الصواب، والمؤمل أن نجد الجميع على طاولة الحوار من أجل الخير والسلام للناس كافة بإذن الله.