لم تأخذ عواصف الرياح المسمومة وزوابع الغبار المشحونة بالحقد السياسي سوى مثيري تلك السموم والزوابع, ولم تكشف عن عورات أحد مثل ماكشفت عن عورات مثيريها, أما الثوابت من الجبال والرواسي من الشوامخ فقط ظلت كما هي تقوم بدورها الذي خلقها الله من أجله وهو المساهمة بجدية وفاعلية في تحقيق استقرار الحياة وتأمين حركتها وتحديث فاعليتها, ولذلك فإن الإيمان بالله رب العالمين طريق النجاة والخير والالتزام بالصدق برهان العمل ولايفلح الكاذبون والمزيفون للحقائق والمرتبطون بالشيطان الرجيم. لقد لاحظت خلال الأيام القليلة الماضية وأنا في صمت عجيب وفي تفكير عميق أن الخيرين وحدهم من تربطهم بالله علاقة حميمية يتدافعون ويسارعون إلى ترسيخ قيم الوفاء والأخوة والمحبة والمشاركة في الأفراح والأتراح, وهذه المواقف تعرفك بأصحاب الثوابت الدينية والانسانية وتكشف أصحاب المصالح والمنافع الذين لايؤمنون إلا بخدمة الشيطان ولايأبهون بقيم أو مبادئ أو إخلاص على الإطلاق, وقد عرفتنا أحداث الأفراح والأتراح معاني القيم الدينية والانسانية التي لاتقبل التبديل أو التغيير ويحول بينها وبين صاحبها أي اتجاه سياسي مهما كان. إن الحديث عن القيم الدينية والوطنية والانسانية يحتاج إلى حركة عملية تجسد قيم الوفاء والمحبة التي لاتربطها مصالح نفعية على الإطلاق, ولقد قلت أن الأزمة السياسية التي مرت بها البلاد منذ بداية 2011م وحتى اليوم قد كشفت معادن الأوفياء للمبادئ والقيم الانسانية وقدمت نماذج شديدة الوضوح وعرت أصحاب المنافع الذين لايؤمنون سوى بالمحسوس الملموس, فكان أصحاب المبادئ والقيم الدينية والوطنية والانسانية كالجبال الشامخة والأعلام البارزة, ولم يتهاوى ويسقط إلا من كان على جرف هار لاصلة له بالقيم الدينية والوطنية والانسانية وظل خلف معبوده وهواه وهو المنفعة والغواية الشيطانية من أجل تحقيق رغباته العدوانية فقط. إننا ونحن في مرحلة الحوار الوطني الشامل بحاجة ماسة إلى مراجعة لقيمنا الدينية والوطنية والانسانية لنتعرف على مابقي منها في الذاكرة الكلية وماقد تعرض للاختلال والعبث من أجل أن نعيد المكانة لمكارم الأخلاق ونقوي أواصر المحبة والوفاء وننبذ الكراهية والحقد والبغضاء, ولعل هذه المهمة أجدها سبباً من أسباب الأزمة السياسية التي تحتاج من المتحاورين الوقوف أمامها وإزالة آثارها السلبية العميقة التي أحدثت شرخاً اجتماعياً شديد الخطورة على مستقبل الأجيال, وليس عيباً أن نناقش هذه الأمور, بل إن مناقشتها فرض عين على الكافة القيام به من أجل تأمين مستقبل الأجيال بإذن الله. رابط المقال على الفيس بوك