أثبت تاريخ الحياة السياسية أن الفكر الاستراتيجي الذي ينطلق من الثوابت الدينية والوطنية والإنسانية هو العقل الجمعي للمجتمع، وأن الانحرافات الفكرية التي تظهر بين الحين والآخر لا تمثل سوى النفر الذين خرجوا على العقل الجمعي، ولعل الأزمة السياسية الراهنة قد برهنت عملياً على أن دعاة الفتنة والاحتراب، وأصحاب الأفكار الظلامية ومن سلك مسلكهم من أجل المنافع الخاصة لم يعبروا إلا عن ذواتهم أمام الإرادة الكلية التي تمسكت بالشرعية الدستورية واحترمت المبادئ والقيم الدينية والوطنية والإنسانية من أجل الحفاظ على أمن واستقرار ووحدة اليمن، وأنصح عن ذلك كل وطني غيور. إن الفكر الوطني الذي اعتصم بحبل الله المتين كان الصخرة التي تحطمت عليها رهانات أعداء اليمن الذين كانوا يغذون الفتنة ويصبون الزيت على النار من أجل إسقاط الدولة اليمنية، ولكن حكمة أبناء اليمن وإيمانهم بالله رب العالمين أقوى من تلك الرهانات الشيطانية، فقد تمكن اليمنيون كافة من إخماد نار الفتنة وإسقاط الرهانات الخاسرة من خلال تجاوز الأزمة وانفراجها عندما توصل اليمنيون كافة إلى تحديد مسار الحياة السياسية الملتزم بالتعددية السياسية والحزبية والاعتماد على مبدأ التداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع، وكان اليمنيون أكبر من كل التحديات والمؤامرات عندما شكلوا حكومة الوفاق الوطني وأثبتوا للعام بأسره بأن اليمن أكبر وأعظم من كل التحديات. إن الخطوات الإجرائية التي تمت حتى اليوم على طريق الانتخابات الرئاسية المبكرة واحدة من أعظم المؤشرات المبشرة بالخير والمحبة والوئام والتسامح والتصالح، وهي دليل قاطع على قوة الإيمان بالله وعظمة الحكمة اليمانية، ولعل الصدق والوفاء والإخلاص الذي أظهره اليمنيون كافة تجاه الوطن وتغليبهم المصلحة العليا للوطن وأمنه واستقراره ووحدته من أعظم المعالم البارزة في الفكر السياسي لليمن، ولذلك لن تضرنا الزوابع مادمنا نتمسك بحبل الله الواحد القهار.