من المفارقات الفاضحة التي تبعث على الضحك المبكي أن شعبنا اليمني صار الوسيلة والهدف في وقت واحد ففي الوقت الذي نرى فيه المتأزمين قد جعلوا منه المطية السهلة لتحقيق ما يصبون إليه من أهداف خاصة بهم وهي وصولهم إلى السلطة من أقرب الطرق«الشعب يريد إسقاط النظام» وصياغتهم لهذه الإدارة الشعبية في القطة “إرحل” وما تحمله من معاني أظهرت شعبنا وكأنه لم يبلغ سن الرشد وان تلكموا الأحزاب التي تقود مسيرته هي الوصية عليه من باب حرصها على مصلحته. والأدهى والأمر هو أن تلك المجاميع من شعبنا التي أسلمت نفسها رخيصة في سوق مزايدات تلك الأحزاب الضيقة الأفق قد صدقت نفسها بأنها إرادة الشعب اليمني عامة وان هذه الأحزاب صادقة معها في اقتيادها إلى المستقبل المنشود فماذا نقول لهؤلاء وهم الفئة الأهم في مجتمعنا “الشباب” وهم يرون بأم أعينهم كيف وصل الحال بهم وبأحلامهم وثورتهم في ظل قيادة هذه الأحزاب لهم ..ألم يفهموا بعد كيف ابتعدوا بهم عن مشروعهم الشرعي للتعبير؟ ليصلوا بهم إلى اللاقضية واللا ثورة واللا شباب؟؟ وليكن أن هذه الأحزاب التي وقفت بكل عدتها وعتادها خلف هذا الشعب الذي تدعي الحرص على مصلحته العليا وهي في الحقيقة(كما صرح بذلك حسن زيد في ساحة الجامعة)لا يهمها أمرهم في شيء سوى أن يظلوا دوياً يملأ الساحات بصوت الشعب الذي يخدم بذلك إرادة هذه الأحزاب الحقيقية...أقول: وليكن ذلك هو المشهد الواضح للعيان...فهل عمي إخواننا الشباب عن الرؤية وهل فقدوا قدراتهم على الفهم والإدراك لحقيقة ما يجري طوال فترة هذه الأزمة؟ ألم يبحث هؤلاء داخل وخارج الساحات عن أي مؤشر إيجابي يؤكد مصداقية هؤلاء أو يفضحهم وبالتالي يتخذ الشباب موقفاً مستقلاً وشجاعاً إنقاذاً لما يمكن إنقاذه من ماء وجه ثورتهم الصادقة؟ ثم وهذا هو الأهم: ألم يتكشف لدى شبابنا المغرر بهم تفاصيل الأزمة الحقيقية التي افتعلتها هذه الأحزاب باسم الشعب الشباب لا يهم خاصة بعد التداعيات الخطيرة لها في الحصبة وجامع النهدين، وجرائم قطع الكهرباء والمحروقات؟ سؤال أتوجه به إلى الشعب كافة بكل فئاته الشبابية وغير الشبابية:أين يكمن صدق المشاعر تجاه الشعب ومصلحته لدى هذه الأحزاب؟ وهل الإصرار على العودة بالشعب إلى العصور الوسطى هو خلاصة ثورة التغيير؟ من الذي يدفع الثمن اليوم غالياً من حياته وقوت أطفاله بسبب ما تتعرض له الكهرباء والمشتقات النفطية من تخريب؟أليس هو الشعب؟ فهل هذه الموجة الفاحشة في الغلاء المتوحش في الأسعار للسلع بسبب تركيز الواقفين ضد النظام على حرمان حياتنا من الكهرباء والوقود...هل هذه الجرائم تخدم مصلحة الشعب تساعد على السير به إلى مستقبل أفضل؟ الحقيقة أننا جميعاً وبما فينا من شباب الساحات إن كان لا يزال منهم من يوجد هناك أننا جميعاً نعيش اليوم معاناة ما تقوم به العناصر الخارجة عن النظام ومن الغباء أن نستمر في الاعتقاد بأن للثعلب ديناً... علينا جميعاً أن نصحو ونقف مع السلطات الرسمية (المحلية والأمنية) بكل إرادتنا الشعبية من أجل الوقوف على المسار الصحيح وصولاً إلى خدمة أنفسنا بالدرجة الأولى ضد كل من يقطع الكهرباء حتى يحرمنا من خدمات الطاقة وضد كل من يقطع الطريق عن ناقلات المحروقات حتى يحرمنا من نعمة التواصل والعيش الكريم وضد كل أنواع السوق السوداء لأعداء الوطن حتى لا نندم ساعة لا ينفعنا الندم. ويكفينا فخراً أن موطننا هو موطن الحكمة والإيمان وأننا شعب قد نكبو في لحظة ضعف ولكننا لا نقبل الضيم أو الخيانة...والله المستعان.